نهج السعادة - الشيخ المحمودي - ج ٨ - الصفحة ٤٨٦
ورواه في الحديث (3671) من كنز العمال: ج 8 ص 233 مرسلا عن (م‍ ق، وأبو عوانة حب ق).
وقال في مادة (حدث) من لسان العرب: وفي حديث المدينة: (من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا) الحدث: الامر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة، و (المحدث) يروى بكسر الدال وفتحها (على الفاعل والمفعول - فمعنى الكسر: من نصر جانيا وآواه وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين ان يقتص منه، وبالفتح هو الامر المبتدع نفسه ويكون معنى الايواء فيه، الرضا به والصبر عليه، فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر عليها ولم ينكرها عليه فقد آواه، ومثله في مادة (حدث من النهاية لابن الأثير.
وفي الفصل الثالث، من شرح المختار (57) من خطب نهج البلاغة، من شرح ابن أبي الحديد، ج 4 ص 67، قال أبو جعفر الإسكافي: وروى الأعمش قال: لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة، جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من ا لناس، جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا وقال: يا أهل العراق، أتزعمون اني أكذب على الله وعلى رسوله وأحرق نفسي بالنار! والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (ان لكل نبي حرما، وان حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور (26)،

(٢٦) قال ابن أبي الحديد: الظاهر أنه غلط من الراوي، لان ثورا بمكة وهو جبل يقال له: ثور أطحل. وفى مادة (ثور) من كتاب النهاية لابن الأثير: وفى الحديث: (انه حرم ما بين عير إلى ثور) (و) هما جبلان، أما عير فجبل معروف بالمدينة، وأما ثور فالمعروف انه بمكة، وفيه الغار الذي بات فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر، وهو المذكور في القرآن، وفى رواية قليلة (ما بين عير وأحد) وأحد بالمدينة، فيكون ثور جبل بمكة، ويكون المراد انه حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة على حذف المضاف ووصف المصدر المحذوف. وقال أبو عبيد: أهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلا يقال له ثور بمكة. وقال غيره: إلى بمعنى مع كأنه جعل المدينة مضافا إلى مكة في التحريم.
أقول: قال الفيروزآبادي في مادة (ثور) من القاموس: (وثور) جبل بمكة، وفيه الغار المذكور في التنزيل، أو يقال له: ثور أطحل، واسم الجبل أطحل، نزله ثور بن عبد مناة فنسب إليه، وجبل بالمدينة، ومنه الحديث الصحيح: (المدينة حرم ما بين عير إلى ثور) وأما قول أبي عبيد بن سلام وغيره من الأكابر الاعلام: (ان هذا تصحيف، والصواب إلى أحد، لان ثورا إنما هو بمكة) فغير جيد، لما أخبرني الشجاع البعلي الشيخ الزاهد عن الحافظ أبي محمد عبد السلام البصري ان حذاء أحد جانحا إلى ورائه جبلا صغيرا يقال له: ثور. وتكرر سؤالي عنه طوائف من العرب العارفين بتلك الأرض فكل أخبرني أن اسمه ثور، ولما كتب إلى الشيخ عفيف الدين المطري عن والده الحافظ الثقة، قال: ان خلف أحد عن شماليه جبلا صغيرا مدورا يسمى ثور، يعرفه أهل المدينة خلفا عن سلف.
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»
الفهرست