أقول: وههنا اشكال وهو: ان الظاهر من تاريخ كتابه الوصية انه عليه السلام كتبها عند مراجعته من صفين وقدومه (المسكن) وهذا لا يلائم شهادة شمر بن أبرهة على الوصية، وحضوره حين كتابة أمير المؤمنين (ع) مع أنه استشهد قبل ذلك بصفين، ويجاب عن هذا الاشكال اما بدعوى ان قتله بصفين خلاف الواقع، بل إنه كان حيا بعد صفين، وكان ملازما لأمير المؤمنين (ع) أو انه وقع لراوي الوصية سهو وانه كان هكذا:
(كتب علي بن أبي طالب بيده لعشر خلون من جمادي الأولى سنة ست وثلاثين) وان أبا شمر ابن أبرهة كان قبل وقعة صفين مع أمير المؤمنين (ع) ثم ذهب إلى قومه بالشام، ثم خرج معهم بمصاحبة معاوية إلى صفين، ثم تركهم ولحق بأمير المؤمنين (ع) ثم استشهد، أو ان الصحيح نسخة الكافي وان شاهد الوصية (أبا سمر) بالمهملة دون (أبي شمر) المستشهد بصفين.
أقول: جميع ما ذكر دعاوي مجردة مخالفة لما مر من الآثار، والظاهر رجحان ما في رواية الشيخ (ره) في التهذيب، من ضبط (أبي شمر) بالمعجمة على رواية الكافي من ضبطه بالمهملة، وانه من سهو الرواة، فعليك بالتأمل والتنقيب، لعلك تظفر بما يدفع الاشكال.
التذنيب الثاني:
في تلخيص ترجمة صعصعة بن صوحان العبدي رضوان الله عليه.
كان (ره) من خطباء أهل الحق، وزعماء رهط الصدق، وعلماء حزب الفلاح، وظرفاء أهل التقوى والصلاح، قد نصر الحق بالجوانح والجوارح وروج الصدق بالسنان والبنان والبيان، وعارض الباطل مجاهرة، وداحض العدوان بمجادلة، لم يخف في الله لومة لائم، ولم يدحضه عن القيام بالحق تطميع أهل المآثم، ولا تخويف معشر الغي والجرائم، كان لسانه الصدق كسيف الأشتر - رضوان الله عليهما - في تدمير الباطل، واستيصال