مقالا، فقال له: اخرج معي فخرجا وكان معهما بهيم، فركبه لقمان وترك ولده يمشي وراءه، فاجتازوا على قوم فقالوا هذا شيخ قليل الرحمة، ما أقسى قلبه يركب هو الدابة وهو أقوى من هذا الصبي ويترك الصبي ماشيا بئس التدبير هذا؟ فقال لقمان لولده: سمعت قولهم وانكارهم لركوبي وتركك ماشيا؟ فقال: نعم، فقال: اركب أنت يا ولدي وانا أمشي فركب ولده ومشى لقمان، فاجتازوا على جماعة أخرى فقالوا: بئس الوالد وما ولد، أما الوالد فإنه ما أحسن تربية هذا الصبي وما أدبه ولذا يركب الدابة ويترك والده يمشي وراءه، والوالد أحق بالركوب والاحترام، وأما الولد فلأنه عق والده بهذه الحال، فكلاهما أساءا في الفعال، فقال لقمان لولده: هل سمعت ما قالوا؟ قال: نعم، قال: فنركب معا، فركبا معا وانطلقا حتى أتوا جماعة فقالوا: ما في قلب هذين الراكبين من رحمة ولا عندهم من الله من خبر، يركبان معا الدابة يقطعان ظهرها ويحملانها ما لا تطيق، لو ركب أحدهما ومشى الآخر لكان أجود، فقال: أصغيت ما قالوا؟
قال: نعم، قال فهات حتى نترك الدابة تمشي خالية من ركوبنا فساقا الدابة بين أيديهما وهما يمشيان، فمروا على طائفة فلما أبصروا بهما قالوا ما أعجب أمر هذين الشخصين يتركان الدابة تمشي فارغة بلا راكب وهما ماشيان متعبان، وذموهما على فعلهما أشد ذم، فالتفت لقمان إلى ولده فقال: هل ترى في تحصيل رضاهم حيلة لمحتال، فاذن لا تلتفت إليهم، واشتغل برضاء الله جل جلاله، ففيه شغل شاغل وسعادة واقبال في الدنيا ويوم الحساب والسؤال.
وعن النبي صلوات الله عليه أنه قال: يأتي على الناس زمان وجوههم وجوه الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، كأمثال الذئاب الضواري، سفاكون للدماء، لا يتناهون عن منكر فعلوه، ان تابعتهم ارتابوك، وان