قال: سئل أمير المؤمنين (ع) فقيل: يا أخا رسول الله (ص): هل رأيت ربك؟ فقال (ع): وكيف اعبد من لم أره؟! لم تره العيون بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان، فإذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر، فان كل من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق ولابد للمخلوق من الخالق، فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا، ومن شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا، ويلهم أو لم يسمعوا بقول الله تعالى:
(لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير) وقوله:
(لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط، فدكدكت الأرض وصعقت الجبال فخر موسى صعقا اي ميتا، فلما افاق ورد عليه روحه قال: سبحانك تبت إليك من قول من زعم انك ترى، ورجعت إلى معرفتي بك ان الابصار لا تدركك، وانا أول المؤمنين وأول المقرين بأنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الاعلى.
ثم قال (ع): ان أفضل الفرائض وأوجبها على الانسان معرفة الرب والاقرار له بالعبودية، وحد المعرفة ان يعرف انه لا آله غيره ولا شبيه له ولا نظير، وان يعرف انه قديم مثبت، موجود غير فقيد، موصوف من غير شبيه ولا مبطل، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، وبعده معرفة الرسول والشهادة بالنبوة، وأدنى معرفة الرسول الاقرار بنبوته، وان ما أتى به من كتاب أوامر أو نهي فذلك من الله عز وجل، وبعده معرفة الامام الذي به تأتم بنعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر، وأدنى معرفة الامام انه عدل النبي (الا درجة النبوة) ووارثه، وان طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله، والتسليم له في كل أمر، والرد إليه، والاخذ بقوله، ويعلم ان الامام بعد رسول الله (ص) علي بن أبي طالب