والذل في وجهي.
وكان بعض الحكماء يقول: لا تطلب من الكريم يسيرا فتكون عنده حقيرا.
وقال بعضهم: من سأل حاجة فقد عرض نفسه على الرق، فان قضاها المسؤول عنه استعبده بها، وان رده عنها رجع كلاهما ذليلا، هذا بذل البخل، وذاك بذل الرد.
وقال ابن السماك: من يهرب منك ان سألته فلا تسأله، ولكن سل من أمرك أن تسأله.
وقال غيره: نحن نسأل أهل زماننا الحافا وهم يعطوننا كرها، فلا هم يثابون، ولا نحن يبارك لنا.
وقالت أعرابية لابنها: يا بني ان سؤالك الناس ما في أيديهم من أشد الافتقار إليهم، ومن افتقرت إليه هنت عليه، ولا تزال تحفظ وتكرم حتى تسأل وترغب، فإذا ألحت عليك الحاجة، ولزمك سوء الحال، فأجعل سؤالك إلى من إليه حاجة السائل والمسؤول، فإنه يعطي السائل.
ويحسن أيضا أن نأتي بشطر من الحكم المنظومة مما أفاده الشعراء في مدح الصبر على القناعة، وذم السؤال.
نسب إلى أمير المؤمنين (ع):
ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله * عوضا ولو نال المنى بسؤال وإذا السؤال مع النوال قرنته * رجح السؤال وخف كل نوال وإذا ابتليت ببذل وجهك سائلا * فابذله للمتكرم المفضال ان الكريم إذا حباك بموعد * أعطاكه سلسا بغير مطال (22)