على الناس يحدثهم حتى تفرقوا وبقي هو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا، فقال: أتأذنون لي في الدخول؟ فقال له سليمان: قدم الله أمرك. فقام فدخل الحجرة، وبقي ساعة، ثم خرج ورد الباب، وأخرج يده من أعلى الباب، وقال: أين الخراساني؟ فقال: ها أنا ذا. فقال: خذ هذه المأتي دينار، واستعن بها في معونتك ونفقتك، وتبرك بها ولا تصدق بها عني، وأخرج فلا أراك ولا تراني، ثم خرج. فقال له سليمان: جعلت فداك، لقد أجزلت ورحمت، فلماذا سترت وجهك عنه؟ فقال: مخافة ان أرى ذل السؤال في وجهه، لقضائي حاجته، أما سمعت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله: (المستتر بالحسنة يعدل سبعين حجة، والمذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بها مغفور له) (18)، أما سمعت قول الأول:
متى آته يوما لأطلب حاجة * رجعت إلى أهلي ووجهي بمائة وقال الإمام العسكري عليه السلام: ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك، فان لكل يوم رزقا جديدا، وأعلم ان الالحاح في المطالب يسلب البهاء، ويورث التعب والعناء، فأصبر حتى يفتح الله لك بابا يسهل الدخول فيه، فما أقرب الصنع من الملهوف، والامن من الهارب المخوف، فربما كانت الغير نوع من أدب الله، والحظوظ مراتب، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك، وإنما تنالها في أوانها، واعلم أن المدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه، فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك، ولا تعجل بحوائجك