وقال آخر: ذ أمكنك الرجل من أن تصنع معروفك عنده، فيده عندك مثل يدك عنده، وإذا أصابك من هم نزل به أو خوف تدفعه عنه، فلم تبذل دمك دونه فقد قصرت بحسبك عنده، ولو أن أهل البخل لم يدخل عليهم الا سوء ظنهم بالله لكان ذلك عظيما.
وقيل لقس بن ساعدة: ما أفضل المعرفة؟ قال: معرفة الرجل نفسه.
قيل له: فما أفضل العلم؟ قال: وقوف المرء عند علمه. قيل له: فما أفضل المروءة؟ قال: استبقاء الرجل ماء وجهه.
وقال بعضهم: أعيى ما يكون الكريم إذا سأل حاجة لنفسه، وأعيى ما يكون الحكيم إذا خاطب سفيها.
وقال بعض آخر: لا تعدن معروفا نلته (21) وإن كان حظا نفيسا بعد ابتذال قدرك وإراقة ماء وجهك، فان الذي فقدت من عز الصيانة أكثر من قدر العائدة، وقيمة ما بذلت أعظم من الذي حزت من قضاء وطرك.
وقال التميمي: لا تطلبوا الحوائج إلى ثلاثة: إلى عبد يقول: الامر لغيري، والى رجل حديث العهد بالغنى، والى صيرفي همته أن يسرق أو يسترجح في كل مأة دينار حبة.
وقال أرسطا طاليس: إذا دخلتم إلى الكرام فعليكم بتخفيف الكلام، وتقليل الطعام، وتعجيل القيام.
وقف أعرابي على قوم يسألهم، فقالوا: من أنت؟ فقال: ان سوء الاكتساب يمنعني من الانتساب.
وقال بعض الحكماء: من لم يستوحش من ذل السؤال لم يأنف من لؤم الرد.
وقال بعض الأماجد: ما رددت أحدا عن حاجة الا تبينت العزة في قفاها