ولا يجهد بها ركوبا، وليعدل بينهن في ذلك، وليوردهن كل ماء يمر به ولا يعدل بهن عن نبت الأرض جواد الطريق في الساعة التي فيها تريح وتغبق (3) وليرفق بهن جهده حتى
(13) جواد جمع جادة، وهي الطريق الواسع الواضح الذي لا يلتبس على سالكه. وتريح مأخوذ من الإراحة: النزول في آخر النهار. وتغبق مشتق من غبق غبقا الغنم: سقاها أو حلبها في العشي، وبابه نصر وضرب وفعل، هذا على ما في نسخة الكافي، وفى الغارات هكذا (ولا يعدل بهن نبت الأرض الأجواد الطريق في الساعات التي تريح وتفيق) الخ. كذا في الأصل الحاكي، والظاهر أنه سقطت كلمة (عن) من النسخة، وكذا أبدلت كلمة (إلى) بالا، وصوابه هكذا: (ولا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطريق) الخ.
وأما قوله: (تفيق) فيحتمل انه أيضا مصحف تغبق أو تعنق - على ما يقوله ابن إدريس ره ويحتمل الصحة أيضا، بل الظاهر أنه هو الصواب، وهو من قولهم: أفاق من التعب: رجع إلى ما كان عليه من النشاط والراحة.
والإفاقة: الراحة.
وقال ابن إدريس عليه الرحمة في آخر كتاب الزكاة من السرائر قبيل زكاة الفطرة منه: قال شيخنا المفيد في مقنعته: وروى حماد، عن حريز، عن بريد العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: بعث أمير المؤمنين (ع) مصدقا من الكوفة إلى باديتها، ثم أورد الحديث بطوله إلى قوله: (ولا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق، في الساعات التي تريح وتعنق، وارفق بهن جهدك). قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: سمعت من يقول:
تريح وتغبق - بالغين المعجمة والباء - يعتقد أنه من الغبوق، وهو الشرب بالعشي، وهذا تصحيف فاحش وخطأ قبيح، وإنما هو من العنق - بالعين غير المعجمة المفتوحة والنون المفتوحة - وهو ضرب من سير الإبل، وهو سير شديد، قال الراجز:.
يأناق سيري عنقا فسيحا * إلى سليمان فنستريحا لان معنى الكلام: انه لا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواد الطرق في الساعات التي لها فيها راحة، ولا في الساعات التي عليها فيها مشقة، ولأجل هذا قال: تريح من الراحة، ولو كان فيها من الرواح لقال: تروح، وما كان يقول تريح *.
* قال المحقق الفيض (ره): قال أستادنا طاب ثراه: هذا مسلم إذا ثبت ان تريح بفتح التاء، وأما إذا كان بضمها - كما هو الظاهر - فلا.
ولان الرواح عند العشي يكون قريبا منه، والغبوق هو شرب العشي على ما ذكرناه، فلم يبق له معنى، وإنما المعنى ما بيناه، وإنما أوردت هذه اللفظة في كتابي لأني سمعت جماعة من أصحابنا الفقهاء يصحفونها.