باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة (17).
هاه، إن ههنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلما جما (18) لو أصبت (لو أصيب خ ل) له حملة (19)، بلى أصبت لقنا غير
(١٧) وفى تاريخ اليعقوبي وتحف العقول: (وأمثلتهم في القلوب موجودة) الخ.
والأمثال جمع مثل - بالتحريك - وهو في الأصل بمعنى النظير، استعمل في القول السائر الممثل بمضربه (أي الحالة الأصيلة التي ورد فيها الكلام) ثم في الكلام الذي له شأن وغرابة، وهذا هو المراد ههنا، أي ان حكمهم ومواعظهم محفوظة عند أهلها يعملون بها.
ويحتمل أن يكون المراد بأمثالهم: أشباحهم وصورهم، فان محبيهم والمقتدين بآثارهم يذكرونهم دائما وصورهم متمثلة في قلوبهم، وعليه فتكون الكلمة جمع مثل - محكركا - أو جمع مثل - بالكسر - فإنه أيضا يجمع على أمثال.
ويحتمل أيضا ان يراد من (أمثالهم) صفتهم وحديثهم أو حججهم وبراهينهم فإنها مما استعمل فيها مثل - بالتحريك أو السكون - الذي يجمع على أمثال.
(١٨) وفى الخصال: هاه (آه آه) خ ل) ان ههنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلما لو أصبت له، الخ. وعليه فالتنوين للتعظيم أو التكثير.
وفى الارشاد: هاه ان ههنا لعلما جما - وأشار إلى صدره - الخ.
وفى تحف العقول: ها ان ههنا لعلما جما لم أصب له خزنة، الخ.
(١٩) وفى العقد الفريد: لو وجدت له حملة، بلى أجد لقنا غير مأمون عليه، الخ.
أقول: كلمة (لو) للتعليق والشرط، وجوابه محذوف. وأصبت بمعنى وجدت.
وحملة جمع لحامل - كالخزنة للخازن - أي لو وجدت لما في صدري من العلم الكثير والسر الخطير، أهلا ومستحقا لأظهرته له، وجدت به عليه، وأودعته عنده.
ويحتمل أن تكون (لو) للتمني أي يا ليت لي الظفر بمن يكون أهلا لحمل الاسرار فأودعه ما خصني الله به من العلوم الكثيرة، وأطلعه على ما زقني به رسول الله (ص) من المعارف الخطيرة، والمرجع واحد، وعلى التقديرين فالكلام قد صدر عن قلب متلهف، وصدر عن فراق المحبوب متلهب، وبنار الاشتياق متلظ.
قال الإمام الباقر (ع): لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله عز وجل حملة، لنشرت التوحيد والاسلام والايمان والدين والشرائع من (الصمد)، وكيف لي بذلك، ولم يجد جدي أمير المؤمنين حملة لعلمه، حتى كان يتنفس الصعداء ويقول على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني، فان بين الجوانح مني علما جما، هاه هاه لا يوجد من يحمله، الخ.