يا كميل العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق (12).
يا كميل محبة العلم دين يدان به (13)، يكسب الإنسان
(١٢) وفى تحف العقول: والمال تفنيه النفقة، والعلم يزكو على الانفاق والعلم حاكم والمال محكوم عليه، الخ.
ويزكو (من باب دعا يدعو) يقال: زكا الزرع زكاء وزكوا - على زنة عطاء وعتو - أي زاد ونما. وسببية انفاق العلم للزيادة والنمو، اما من جهة أن كثرة المدارسة والبحث توجب الإحاطة بالمعلومات وقوة الفكر، واما لأجل أنه تعالى يفيض من مواهبه على من أنفق العلم لأهله، وبذله لمستحقه ولم يبخل به وقال الشيخ بهاء الدين العاملي (ره): كلمة (على) يجوز أن تكون بمعنى مع، كما قالوا في قوله تعالى: (وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم).
وأن تكون للسببية والتعليل، كما قالوه في قوله تعالى: (ولتكبروا الله على ما هديكم).
(١٣) وفى الخصال والتذكرة: يا كميل محبة العالم دين يدان به، تكسبه الطاعة في حياته، الخ. ومثله في تحف العقول، الا ان فيه: به يكسب الطاعة في حياته، الخ. وفى المناقب: محبة العالم دين يدان بها، تكسبه الطاعة في حياته.
وفى رواية أبي عبد الله (ع): صحبة العالم دين يدان بها باكتساب الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد موته، الخ. وفى الارشاد: محبة العلم دين يدان به، وبه (ظ) تكملة الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد موته، الخ. وفى الأمالي: يا كميل صحبة العالم دين يدان الله به، تكسبه الطاعة في حياته، الخ.
أقول: مرجع الجميع إلى واحد، إذ محبة العلم والعالم متلازمتان، وكذا صحبة العالم لعلمه وروحانيته لا تنفك عن محبته ومحبة علمه، بل هي معلولة لهما والدين - في أمثال المقام - يحتمل أن يكون بمعنى السيرة والطريقة والمذهب والملة والطاعة والعبادة والجزاء والمكافأة والورع والخضوع، وتقدم في شرح المختار (1) من هذا الباب ص 12، ما ينفع هنا. والأحدوثة - قيل: هي مفرد الأحاديث وهو -: ما يتحدث به. وجميل الأحدوثة: هو طيب الذكر، وحسن الثناء، والذكر بالجميل، أي ان محبة العلم (أو العالم) طريقة يعبد الله بها، وبهذه الطريقة يكتسب العامل العابد طاعة الله - أو طاعة البشر وانقيادهم له - في حال الحياة، وحسن الثناء بعد الممات.