أحمد بن الحسن مقيما بها، فصرت إليه مسلما، فلما لقيني استبشر بي ثم أعطاني ألف دينار في كيس، وتخوت ثياب من ألوان معتمة لم أعرف ما فيها، ثم قال لي أحمد احمل هذا معك ولا تخرجه عن يدك إلا بحجة، قال فقبضت منه المال والتخوت بما فيها من الثياب، فلما وردت بغداد لم يكن لي همة غير البحث عمن أشير إليه بالبابية، فقيل لي إن ها هنا رجلا يعرف بالباقطاني يدعي بالبابية، وآخر يعرف بإسحاق الأحمر يدعى بالبابية، وآخر يعرف بأبي جعفر العمري يدعى بالبابية، قال فبدأت بالباقطاني فصرت إليه فوجدته شيخا بهيا، له مروة ظاهرة، وفرش عربي، وغلمان كثير، ويجتمع عنده الناس يتناظرون، قال فدخلت إليه وسلمت عليه فرحب وقرب وبر وسر، قال فأطلت القعود إلى أن خرج أكثر الناس، قال فسألني عن حاجتي فعرفته أني رجل من أهل الدينور ومعي شئ من المال احتاج أن أسلمه، قال لي: أحمله، قال فقلت: أريد حجة، قال تعود إلي في غد، قال فعدت إليه من الغد فلم يأت بحجة، وعدت إليه في اليوم الثالث فلم يأت بحجة، قال فصرت إلى إسحاق الأحمر فوجدته شابا نظيفا، منزله أكبر من منزل الباقطاني، وفرشه ولباسه ومروته أسرى، وغلمانه أكثر من غلمانه، ويجتمع عنده من الناس أكثر مما يجتمعون عند الباقطاني، قال فدخلت وسلمت فرحب وقرب، قال فصبرت إلى أن خف الناس فسألني عن حاجتي، فقلت له كما قلت للباقطاني، وعدت إليه ثلاثة أيام فلم يأت بحجة. قال فصرت إلى أبى جعفر العمري فوجدته شيخا متواضعا، عليه مبطنة بيضاء، قاعد على لبد في بيت صغير، ليس له غلمان، ولا له من المروة والفرش ما وجدت لغيره، قال فسلمت فرد جوابي وأدناني وبسط مني، ثم سألني عن حالي، فعرفته أني وافيت من الجبل وحملت مالا، فقال إن أحببت أن تصل هذا الشئ إلى حيث يجب، (يجب) أن تخرج إلى سر من رأى وتسأل (عن) دار ابن الرضا، وعن فلان بن فلان الوكيل، وكانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها، فإنك تجد هناك ما تريد، قال فخرجت من عنده ومضيت نحو سر من رأى، وصرت إلى دار ابن الرضا وسألت عن الوكيل،
(٢٩٣)