فذكر البواب أنه مشتغل في الدار وانه يخرج آنفا، فقعدت على الباب انتظر خروجه فخرج بعد ساعة، فقمت وسلمت عليه وأخذ بيدي إلى بيت كان له، وسألني عن حالي وعما وردت له، فعرفته أني حملت شيئا من المال من ناحية الجبل، وأحتاج أن أسلمه بحجة، قال فقال نعم ثم قدم إلي طعام وقال لي تغدى بهذا واستريح (كذا) فإنك تعب، وإن بيننا وبين الصلاة الأولى ساعة، فإني أحمل إليك ما تريد، قال فأكلت ونمت فلما كان وقت الصلاة نهضت وصليت، وذهبت إلى المشرعة فاغتسلت وانصرفت، ومكثت إلى أن مضى من الليل ربعه، فجاءني ومعه درج فيه بسم الله الرحمن الرحيم:
وافى أحمد بن محمد الدينوري وحمل ستة عشر ألف دينار، وفي كذا وكذا صرة فيها صرة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا، وصرة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا، إلى أن عد الصرار كلها، وصرة فلان بن فلان المراغي ستة عشر دينارا. قال فوسوس لي الشيطان (فقلت) إن سيدي أعلم بهذا مني، فما زلت أقرأ ذكر الصرة (صرة) وذكر صاحبها، حتى أتيت عليها عند (على) آخرها، ثم ذكر: قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن البادراني أخي الصراف كيسا فيه ألف دينار (و) كذا وكذا تختا ثيابا، منها ثوب فلأني وثوب لونه كذا، حتى نسب الثياب إلى آخرها بأنسابها وألوانها.
قال فحمدت الله وشكرته على ما من به علي من إزالة الشك عن قلبي، وأمر بتسليم جميع ما حملته إلى حيث ما يأمرك أبو جعفر العمري.
قال فانصرفت إلى بغداد وصرت إلى أبي جعفر العمري، قال وكان خروجي وانصرافي في ثلاثة أيام، قال فلما بصر بي أبو جعفر العمري قال لي: لم لم تخرج؟ فقلت يا سيدي من سر من رأى انصرفت، قال فأنا أحدث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة على أبي جعفر العمري من مولانا عليه السلام ومعها درج مثل الدرج الذي كان معي، فيه ذكر المال والثياب، وأمر أن يسلم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي، فلبس أبو جعفر العمري ثيابه وقال لي: احمل ما معك إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي، قال فحملت المال والثياب إلى منزل محمد بن