من الجائز تسرب بعض تلك الأساطير إلى رجال الكشي، ثم تسربت منه إلى سائر الكتب كما شاهدنا ذلك في ما سبق.
ولم يقتصر الامر في ذلك على عبد الله بن سبأ وحده، ولا على كتاب رجال الكشي وحده، كما لم ينحصر هدفنا في نشر هذه البحوث في البرهنة على أن عبد الله بن سبأ شخصية أسطورية أو أن من بحثنا عنهم من صحابة مختلقين هم شخوص أسطورية أو أن بعض الأماكن المترجمة في الكتب البلدانية مختلقة، أو نثبت أن بعض الشعر أو الكتب السياسية أو الخرافات الأسطورية التي يتمسك بها المنقبون مدسوسة، أو أن بعض رواة الاخبار مختلقون لم يوجدوا ليرووا لنا رواية أو خبرا.
لم يكن هدفنا من هذه البحوث المضنية ما ذكرناه آنفا فحسب.
بل لأنا وجدنا انصرافا معيبا عن تدارس سيرة النبي وأهل بيته وأصحابه.
ولما كانت روايات السيرة والتاريخ وكتبهما لم يعن بتدراسها والمحافظة عليها منذ احقاب طويلة. فقد ضاعت مع الأسف الشديد آلاف الكتب الموثوقة في الباب، أمثال كتب أصحاب الأئمة، ثم حل محلها أمثال تاريخ الطبري الذي يحوي من دس الزنادقة الشئ الكثير.
وبما أن عقائد المسلمين تنشأ بصورة عفوية من تدارس سيرة النبي وأهل بيته وأصحابه، ومنه ينشأ تصورهم للاسلام وفهمهم له، وعلى ضوء ذلك الفهم يفسرون القرآن والحديث ويؤولونهما.