وكان عقل الصدقة على أهل الصدقة مع الصدقة فردهم، فرجع وفد من يلي المدينة من المرتدة إلى عشائرهم، وأخبروهم بقلة من في المدينة، وأطمعوهم فيها، وجعل أبو بكر - بعد مسير الوفد - على أنقاب المدينة عليا، وطلحة، والزبير، وابن مسعود، وألزم أهل المدينة بحضور المسجد، وقال لهم: إن الأرض كافرة، وقد رأى وفدهم منكم قلة، وأدناهم منكم على بريد (1)، وأبينا عليهم ما طلبوا، ولا ندري أيأتونا ليلا أم نهارا، فاستعدوا، فما لبثوا إلا ثلاثا حتى أغاروا على المدينة ليلا، وخلفوا بعضهم بذي حسي ليكونوا لهم ردءا، فوافوا الانقاب وعليها المقاتلة، فمنعوهم وأرسلوا إلى أبي بكر بالخبر، فأرسل إليهم أبو بكر أن الزموا مكانكم، وخرج في أهل المسجد على النواضح، فردوا العدو حتى بلغوا ذا حسي، فخرج عليهم الردء بأنحاء قد نفخوها، وجعلوا فيها الحبال، فدهدهوها في وجوه الإبل، فنفرت إبل المسلمين، وهم عليها لا يملكونها، ورجعت بهم حتى أدخلتهم المدينة، ولم يصب أحد منهم فقال الخطيل بن أوس:
فدى لبني ذبيان رحلي وناقتي * عشية يحدي بالرماح أبو بكر الأبيات (2) قال: وظنوا بالمسلمين الوهن، وبعثوا إلى ذي القصة بالخبر، وكان بها من العشائر المرتدة بنو ذبيان، وأسد، فقدموا عليهم، وبات أبو بكر ليلته