الملل والنحل للشهرستاني، والفرق بين الفرق للبغدادي، والفصل لابن حزم، ثم البحث عن أسانيد ما أوردوا، ليثبت أن أكثر ما ذكروا لم يوجد بتاتا، ولنا أن نقول بعد ذلك - إن أحسنا الظن بمؤلفي كتب الملل والنحل أجمعين -: إنهم كانوا يدونون كل ما يدور على ألسنة أهل عصرهم من خرافة، وكنا نرى في مؤلفاتهم مرآة صادقة تعكس أفكار أهل عصرهم، وآراءهم عن تلكم الفرق - فإنه يدور على ألسنة أفراد من العامة في كل عصر وأحيانا على ألسنة الكثير منهم أساطير لا تمت إلى الواقع بصلة، كما شاهدنا مثال ذلك في عصرنا: أن بعض العوام من الشيعة، ومن السنة يعتقدون أن للطائفة الأخرى ذنبا يوارونه تحت الثياب، وعلى هذا جاز لنا ، لو رمنا مجاراة أهل المقالات في أسلوبهم، أن نستدرك عليهم - أيضا - ما فاتهم من ذكر هذه الفرقة ونقول:
الفرقة الذنبية في الاسلام: فرقة لها ذنب كذنب بعض الحيوان يوارونه تحت الثياب (ش).
يورد أهل المقالات والملل والنحل في تآليفهم كل هذر من القول - نظير ما ذكرنا - دونما حاجة إلى بيان السند، على أن إيراد السند في كثير من تلكم الكتب إنما هو إضافة ابتكار على ابتكار، وإذا كان إيراد الروايات السابقة بأسانيدها من كتب أهل الفرق - مع ما في متونها من تناقض وتهافت وسخف - لا يكفي دليلا على ما نقول، فلنستشهد بروايات أخرى