وأول من قال بهذا الرأي - على الأشهر - هو ابن سينا، ومن بعده قطب الدين الرازي صاحب المحاكمات، وأخيرا المحقق النراقي صاحب كتاب " جامع السعادات " (1).
أقول: النظرية الأولى أقرب إلى معنى كلمة العقل، والأصح هو تفسير العقل العملي بمبدأ الإدراك والحفز، وذلك لأن الشعور الذي يتعاطى مع القيم الأخلاقية والعملية هو مبدأ الإدراك، وهو في الوقت ذاته مبدأ للدفع والحفز. وقوة الإدراك هذه هي ذات العنصر الذي سمي من قبل بالوجدان الأخلاقي وسمته النصوص الإسلامية بعقل الطبع، وهو ما سنوضحه فيما يأتي:
عقل الطبع وعقل التجربة:
وبدلا من تقسيم العقل إلى نظري وعملي وضعت له النصوص الإسلامية تقسيما من نوع آخر، وصنفته إلى " عقل طبع " و " عقل تجربة " أو " عقل مطبوع " و " عقل مسموع "، حيث قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذا المضمار: " العقل عقلان، عقل الطبع وعقل التجربة، وكلاهما يؤدي المنفعة ". وقال أيضا:
رأيت العقل عقلين * فمطبوع ومسموع لا ينفع مسموع * إذا لم يك مطبوع كما لا تنفع الشمس * وضوء العين ممنوع (2).
ومما يسترعي الانتباه في هذا المجال هو ما روي عن الإمام علي (عليه السلام) فيما يخص هذا التقسيم، حيث روي عنه أنه قال بشأن العلم: " العلم علمان، مطبوع ومسموع، ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع " (3).