يوم بدر واحد صبيا لم يبلغ الحلم وقد استصغره رسول الله في اليومين وكان له يوم بيعة الرضوان ست عشر سنة (1) وثانيهما نفس عثمان الغائب عن هاتيك المواقف، فالرواية مدبرة بين اثنين بين صبي وغايب يوم حوصر عثمان وتبعهما في بعضها أنس فحسب، ومن الغريب جدا أن عبد الرحمن بن عوف أخا عثمان (2) وصاحبه الذي أقعده دست الخلافة، وكان حاضرا في بدر واحد لم يكن قرع سمعه شئ من تلكم الأعذار إلى يوم حوصر عثمان، ولو كانت بمقربة من الصحة لكانت الألسن تتداولها، والأندية لا تخلو عن ذكرها، فجاء عبد الرحمن ينتقد الرجل بعدم حضوره في الغزوتين وتركه سنة عمر فبلغ ذلك عثمان فتخلص عنه بما خلق له ابن عمر أو اختلق هو، أخرج أحمد في مسنده 1: 68 من طريق شقيق قال: لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له الوليد: مالي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه؟ فقال له عبد الرحمن: أبلغه: إني لم أفر يوم عينين - قال عاصم: يقول: يوم أحد - ولم أتخلف يوم بدر، ولم أترك سنة عمر رضي الله عنه قال: فانطلق فخبر ذلك عثمان رضي الله عنه فقال: أما قوله: إني لم أفر يوم عينين فكيف بذنب؟ وقد عفا الله عنه، فقال: إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم، وأما قوله:
إني تخلفت يوم بدر، فإني كنت أمرض رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ماتت و قد ضرب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمي ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه فقد شهد.
وأما قوله: إني لم أترك سنة عمر رضي الله عنه، فإني لا أطيقها ولا هو، فأته و حدثه بذلك.
دع ابن عمر يصور لبعث عثمان إلى مكة صورة مكبرة من أنه لم يبعثه إلا لأنه أعز من في بطن مكة (3) فإن الواقف على القصة جد عليم بأن تلك البعثة ما كانت لها صلة بالعزة والذلة فإنها كانت إلى أبي سفيان يريد بها التخفيف من وطئته في استهواء قريش واستهدائه على استثارتها على رسول الله صلى الله عليه وآله وكان طبع الحال يستدعي