لا فتى إلا علي * لا سيف إلا ذو الفقار (1).
فهل كان في بصره عمى كبصيرته لا يبصر نضال علي ونزاله في تلكم المعارك الدامية؟
نعم: معاوية لا يرى مواقف علي عليه السلام فضلا وشرفا لأنه هو الذي أثكل أمهات بيته، و ضرب أقذلة أخيه وجده وخاله وأبناء بيته الساقط بسيفه البتار، وإلى هذا يومي قوله لطلحة: فإنك أقل قريش في قريش وترا.
ومن كتاب له إلى مروان:
فإذا قرأت كتابي هذا فكن كالفهد، لا يصطاد إلا غيلة، ولا يتشازر إلا عن حلية، وكالثعلب لا يفلت إلا روغانا، واخف نفسك منهم أخفاء القنفذ رأسه عند لمس الأكف، وامتهن (2) نفسك امتهان من ييأس القوم من نصره وانتصاره، وابحث عن أمورهم بحث الدجاجة عن حب الدخن عند فقاسها (3) وأنغل (4) الحجاز، فإني منغل الشام، والسلام.
قال الأميني: هذه شنشنة معاوية منذ بلغه أمر الإمام عليه السلام وانعقاد البيعة له، فوجد نفسه عند الأمة في معزل عن المشورة أو اعتضاد في رأي، وأن البيعة لاحقته لا محالة، فلم يجد منتدحا عن إقلاق الأمر على صاحب البيعة الحقة، وأن يستدني منه أمانيه الخلابة بتعكير الصفو له عليه السلام فطفق يفسد ما اطمأن إليه من الأمصار، ويوعز في كتبه إلى إفساد الرأي، وتفريق الكلمة، وهو ضالته المنشودة.
وإن تعجب فعجب أخذه البيعة لطلحة والزبير واحدا بعد آخر وقد ثبت في أعناقهما بيعة الإمام عليه السلام، وكانت هذه البيعة أبان ثبوت بيعتهما كما ينم عنه نص كتبه إليهما، ثم ومن هو معاوية حتى يرشح أحدا للخلافة بعد انعقاد الإجماع لخليفة الحق؟ ولم يكن هو من أهل الترشيح لو لم تنعقد البيعة المذكورة.
على أن الغبي لم يهتد إلى أن أخذ البيعة لهما مستلزم لنكثهما عن البيعة الأولى وما غناء إمام ناكث عن مناجح الأمة ومصالحها، مع إنهما على تقدير صحة البيعة يكون