حاتم! قد حلبت بالساعد الأشد.
فقال له شبث بن ربعي وزياد بن حنظلة: أتيناك فيما يصلحنا وإياك، فأقبلت تضرب الأمثال، دع ما لا ينتفع به من القول والفعل، وأجبنا فيما يعمنا وإياك نفعه.
وتكلم يزيد بن قيس فقال:
إنا لم نأتك إلا لنبلغك ما بعثنا به إليك، ولنؤدي عنك ما سمعنا منك، ونحن - على ذلك - لن ندع أن ننصح لك، وأن نذكر ما ظننا أن لنا عليك به حجة، وإنك راجع به إلى الألفة والجماعة، إن صاحبنا من قد عرفت وعرف المسلمون فضله، ولا أظنه يخفى عليك، إن أهل الدين والفضل لم يعدلوا بعلي، ولن يميلوا بينك وبينه فاتق الله يا معاوية! ولا تخالف عليا، فإنا والله ما رأينا رجلا قط أعمل بالتقوى، ولا أزهد في الدنيا. ولا أجمع لخصال الخير كلها منه.
فتكلم معاوية وقال:
أما بعد: فإنكم دعوتم إلى الطاعة والجماعة، فأما الجماعة التي دعوتم إليها فمعنا هي، وأما الطاعة لصاحبكم فإنا لا نراها، إن صاحبكم قتل خليفتنا، وفرق جماعتنا وآوى ثأرنا وقتلتنا، وصاحبكم يزعم أنه لم يقتله، فنحن لا نرد ذلك عليه، أرأيتم قتلة صاحبنا؟ ألستم تعلمون أنهم أصحاب صاحبكم؟ فليدفعهم إلينا فلنقتلهم به ثم نحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة.
فقال له شبث: أيسرك يا معاوية! أنك أمكنت من عمار تقتله؟ فقال معاوية:
وما يمنعني من ذلك؟ والله لو أمكنت من ابن سمية ما قتلته بعثمان رضي الله عنه، و لكن كنت قاتله بناتل مولى عثمان. فقال شبث:
وإله الأرض وإله السماء ما عدلت معتدلا، لا والذي لا إله إلا هو، لا تصل إلى عمار حتى تندر الهام عن كواهل الأقوام، وتضيق الأرض الفضاء عليك برحبها.
فقال له معاوية: إنه لو قد كان ذلك كانت الأرض عليك أضيق، وتفرق القوم عن معاوية فلما انصرفوا بعث معاوية إلى زياد بن حنظلة التميمي فخلا به. فحمد الله وأثنى عليه وقال:
أما بعد يا أخا ربيعة، فإن عليا قطع أرحامنا، وآوى قتلة صاحبنا، وإني أسألك النصر بأسرتك وعشيرتك، ثم لك عهد الله عز وجل وميثاقه أن أوليك إذا