وقد علمنا أنك قد أبطأت عنه بالنصر، وأحببت له القتل، لهذه المنزلة التي أصبحت تطلب ورب متمني أمر وطالبه، الله عز وجل يحول دونه بقدرته، وربما أوتي المتمني أمنيته وفوق أمنيته، ووالله مالك في واحدة منهما خير، لئن أخطأت ما ترجو، إنك لشر العرب حالا في ذلك، ولئن أصبت ما تمنى لا تصيبه حتى تستحق من ربك صلي النار، فاتق الله يا معاوية! ودع ما أنت عليه، ولا تنازع الأمر أهله.
فتكلم معاوية وكان من كلامه: فقد كذبت ولو مت أيها الأعرابي الجلف الجافي في كل ما ذكرت ووصفت، انصرفوا من عندي، فإنه ليس بيني وبينكم إلا السيف، وغضب وخرج القوم وأتوا عليا وأخبروه بالذي كان من قوله (1) وفد علي عليه السلام الثاني ولما دخلت سنة 37 توادعا على ترك الحرب في المحرم إلى انقضائه طمعا في الصلح واختلف فيما بينهما الرسل في ذلك من دون جدوى، فبعث علي عليه السلام عدي بن حاتم، ويزيد بن قيس، وشبث بن ربعي، وزياد بن حنظلة إلى معاوية، فلما دخلوا عليه تكلم عدي بن حاتم فحمد الله ثم قال:
أما بعد: فإنا أتيناك ندعوك إلى أمر يجمع الله عز وجل به كلمتنا وأمتنا، و يحقن به الدماء، ويؤمن به السبل، ويصلح به ذات البين، إن ابن عمك سيد المسلمين أفضلها سابقة، وأحسنها في الاسلام أثرا، وقد استجمع له الناس، وقد أرشدهم الله عز وجل بالذي رأوا، فلم يبق أحد غيرك وغير من معك، فانته يا معاوية! لا يصبك الله وأصحابك بيوم مثل يوم الجمل.
فقال معاوية:
كأنك إنما جئت متهددا، لم تأت مصلحا، هيهات يا عدي، كلا والله، إني لابن حرب ما يقعقع لي بالشنان (2) أما والله إنك لمن المجلبين على ابن عفان رضي الله عنه، وإنك لمن قتلته، وإني لأرجو أن تكون ممن يقتل الله عز وجل به، هيهات يا عدي بن