كانوا جميعا كثيرة كما علم مما قدمته في قصة محاصرتهم له إلى أن قتله بعضهم، جمع من أهل مصر قيل: سبعمائة، وقيل: ألف، وقيل خمسمائة، وجمع من الكوفة، وجمع من البصرة وغيرهم قدموا كلهم المدينة وجرى منهم ما جرى، بل ورد أنهم هم وعشائرهم نحو من عشرة آلاف فهذا هو للحامل لعلي رضي الله عنه عن الكف عن تسليمهم لتعذره كما عرفت.
ويحتمل أن عليا رضي الله عنه رأى أن قتلة عثمان بغاة حملهم على قتله تأويل فاسد استحلوا به دمه رضي الله عنه لإنكارهم عليه أمورا كجعله مروان ابن عمه كاتبا له ورده إلى المدينة بعد أن طرده النبي صلى الله عليه وآله منها، وتقديمه أقاربه في ولاية الأعمال، وقضية محمد بن أبي بكر، ظنوا أنها مبيحة لما فعلوه جهلا منهم وخطأ والباغي إدا انقاد إلى الإمام العدل لا يؤاخذ بما أتلفه في حال الحرب عن تأويل دما كان أو مالا كما هو المرجح من قول الشافعي رضي الله عنه، وبه قال جماعة آخرون من العلماء، وهذا الاحتمال وإن أمكن لكن ما قبله أولى بالاعتماد منه. إلخ قال الأميني: هب أن عثمان قتل مظلوما بيد الجور والتعدي.
وأنه لم يك يقترف قط ما يهدر دمه.
وأن قتله لم يقع بعد إقامة الحجة عليه والأخذ بكتاب الله في أمره.
وأنه لم يقتل في معمعة بين آلاف مكردسة من المدنيين والمصريين والكوفيين والبصريين.
ولم تكن البلاد تمخضعت عليه، وما نقم عليه عباد الله الصالحون.
وأن قاتله لم يجهل من يوم أودى به، وكان مشهودا يشار إليه، ولم يكن قتيل عمية (1) لا يدرى من قتله حتى تكون ديته من بيت مال المسلمين.
ولم يقتل الذين باشروا قتله وكان قد بقي منهم باقية يقتص منها.
وأن المهاجرين والأنصار ما اجتمعوا على قتله، ولم تكن لأولئك المجتهدين العدول يد في تلك الواقعة، ولم يشارك في دمه عيون الصحابة.
وأن أهل المدينة ليسوا كاتبين إلى من بالآفاق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنكم