ويحب التوابين ويحب المتطهرين. قال: فذهب الفتى بين الناس راجعا. فقال له رجل من أهل الشام: خدعك العراقي. قال: لا، ولكن نصحني العراقي. (1) كان المخذول يشوه سمعة الإمام الطيبة بتلكم القذائف الشائنة طيلة حياته، ولما استشهد سلام الله عليه لم يرفع اليد عن غيه وبغيه، فجاء يري الأمة الغوغاء أن ما كان من عدائه المحتدم للإمام عليه السلام إنما كان عن أساس ديني لله فيه، فكتب إلى عماله:
سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فالحمد لله الذي كفاكم مؤنة عدوكم، وقتلة خليفتكم، إن الله بلطفه وحسن صنعه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده فاغتاله فقتله، فترك أصحابه متفرقين مختلفين، وقد جائنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم، فأقبلوا إلي حين يأتيكم كتابي هذا بجهدكم وجندكم، وحسن عدتكم، فقد أصبتم بحمد الله الثأر، وبلغتم الأمل، و أهلك الله أهل البغي والعدوان (2) ولما دخل ابن عباس على معاوية بعد مقتل أمير المؤمنين عليه السلام قال: الحمد لله الذي أمات عليا. (3) ما أغلف قلب هذا الرجل الذي يحسب أن عبد الرحمن بن الملجم من عباد الله وقد قيضه المولى سبحانه للنيل من إمام الهدى، ويعد ذلك من لطفه وحسن صنعه، وابن ملجم هو ذلك الشقي المهتوك الخارجي الجاني على الأمة جمعاء بقتل سيدها نفس - الرسول صلى الله عليه وآله، وآتيها بخسارة الأبد، وهو أشقى الآخرين في لسان النبي الكريم، أو أشقى الأمة في حديثه الآخر، وأشد الناس عذابا يوم القيامة، وعاد قوله صلى الله عليه وآله فيه " أشقى " كلقب يعرف به أشقى مراد حيث أنه اطرد ذكره به في موارد كثيرة من الحديث والتاريخ (4).
وليت شعري أي إله يحمده معاوية في موت علي أمير المؤمنين؟ الإله جعل مودة على أجر الرسالة في محكم الذكر الحكيم؟