له في رقاب الناس عهد وذمة * كعهد أبي حفص وعهد أبي بكر فبايع ولا ترجع على العقب كافرا * أعيذك بالله العزيز من الكفر ولا تسمعن قول الطغام فإنما * يريدوك أن يلقوك في لجة البحر وماذا عليهم أن تطاعن دونهم * عليا بأطراف المثقفة السمر؟
فإن غلبوا كانوا علينا أئمة * وكنا بحمد الله من ولد الظهر (1) وإن غلبوا لم يصل بالحرب غيرنا * وكان علي حربنا آخر الدهر يهون على عليا لوي بن غالب * دماء بني قحطان في ملكهم تجري فدع عنك عثمان بن عفان إننا * لك الخير، لا ندري وإنك لا تدري على أي حال كان مصرع جنبه * فلا تسمعن قول الأعيور أو عمرو قال: لما قدم شرحبيل على معاوية تلقاه الناس فأعظموه، ودخل على معاوية فتكلم معاوية فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا شرحبيل! إن جرير بن عبد الله يدعونا إلى بيعة علي، وعلي خير الناس (2) لولا أنه قتل عثمان بن عفان، وقد حبست نفسي عليك، وإنما أنا رجل من أهل الشام، أرضى ما رضوا، وأكره ما كرهوا. فقال شرحبيل:
أخرج فانظر. فخرج فلقيه هؤلاء النفر الموطؤون له، فكلهم يخبره بأن عليا قتل عثمان بن عفان. فخرج مغضبا إلى معاوية فقال: يا معاوية أبى الناس إلا أن عليا قتل عثمان، ووالله لئن بايعت له لنخرجنك من الشام أو لنقتلنك. قال معاوية: ما كنت لأخالف عليكم وما أنا إلا رجل من أهل الشام. قال: فرد هذا الرجل إلى صاحبه إذا. قال: فعرف معاوية أن شرحبيل قد نفذت بصيرته في حرب أهل العراق، وأن الشام كله مع شرحبيل!
فخرج شرحبيل فأتى حصين بن نمير فقال: ابعث إلى جرير فليأتنا فبعث إليه حصين: أن زرنا، فإن عندنا شرحبيل بن السمط، فاجتمعا عنده، فتكلم شرحبيل فقال: يا جرير!
أتيتنا بأمر ملفف (3) لتلقينا في لهوات الأسد، وأردت أن تخلط الشام بالعراق، وأطرأت