أهل الشام شرحبيل بن السمط الكندي، وهو عدو لجرير المرسل إليك، فأرسل إليه ووطن له ثقاتك فليفشوا في الناس: إن عليا قتل عثمان، وليكونوا أهل الرضا عند شرحبيل، فإنها كلمة جامعة لك أهل الشام على ما تحب، وإن تعلقت بقلب شرحبيل لم تخرج منه بشئ أبدا.
فكتب إلى شرحبيل: إن جرير بن عبد الله قدم علينا من عند علي بن أبي طالب بأمر فظيع، فأقدم. ودعا معاوية يزيد بن أسد، وبسر بن أرطاة، وعمرو بن سفيان، و مخارق بن الحارث، وحمزة بن مالك، وحابس بن سعد الطائي، وهؤلاء رؤوس قحطان واليمن، وكانوا ثقات معاوية وخاصته، وبني عم شرحبيل بن السمط، فأمرهم أن يلقوه ويخبروه: إن عليا قتل عثمان، فلما قدم كتاب معاوية على شرحبيل وهو بحمص استشار أهل اليمن فاختلفوا عليه فقال إليه عبد الرحمن بن غنم الأزدي وهو صاحب معاذ بن جبل و ختنه، وكان أفقه أهل الشام فقال: يا شرحبيل! إن الله لم يزل يزيدك خيرا مذ هاجرت إلى اليوم وإنه لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من الناس، ولا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، إنه قد القي إلينا قتل عثمان، وإن عليا قتل عثمان (1) فإن يك قتله فقد بايعه المهاجرون والأنصار، وهم الحكام على الناس، وإن لم يكن قتله فعلام تصدق معاوية عليه؟ لا تهتك نفسك وقومك، فإن كرهت أن يذهب بحظها جرير فسر إلى علي فبايعه على شامك وقومك، فأبي شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية، فبعث إليه عياض الثمالي وكان ناسكا.
يا شرح يا ابن السمط إنك بالغ * بود علي ما تريد من الأمر ويا شرح إن الشام شأمك ما بها * سواك فدع قول المضلل من فهر فإن ابن حرب ناصب لك خدعة * تكون علينا مثل راغية البكر (2) فإن نال ما يرجو بنا كان ملكنا * هنيئا له، والحرب قاصمة الظهر فلا تبغين حرب العراق فإنها * تحرم أطهار النساء من الذعر وإن عليا خير من وطئ الحصى * من الهاشميين المداريك للوتر