نزعك عن دين آبائك؟ قال: تبادلت خيرا منه. فقلت: وكيف ذلك؟ قال: ركبت البحر فلما توسطناه انكسرت المركب فلم تزل الأمواج تدفعني حتى رمتني في جزيرة من جزائر البحر فيها أشجار كثيرة ولها ثمر أحلى من الشهد وألين من الزبد، وفيها نهر عذب، فحمدت الله على ذلك وقلت: آكل من هذا الثمر وأشرب من هذا النهر حتى يقضي الله بأمره، فلما ذهب النهار خفت على نفسي من الوحش فطلعت على شجرة ونمت على غصن من أغصانها، فلما كان في جوف الليل وإذا بدابة على وجه الأرض تسبح الله وتقول: لا إله إلا الله العزيز الجبار، محمد رسول الله النبي المختار، أبو بكر الصديق صاحبه في الغار، عمر الفاروق فاتح الأمصار، عثمان القتيل في الدار، علي سيف الله على الكفار، فعلى مبغضهم لعنة الله العزيز الجبار، ومأواه النار، وبئس القرار. ولم تزل تكرر هذه الكلمات إلى الفجر فلما طلع الفجر قالت: لا إله إلا الله الصادق الوعد والوعيد، محمد رسول الله الهادي الرشيد، أبو بكر ذو الرأي السديد. عمر بن الخطاب سور من حديد، عثمان الفضيل الشهيد، علي بن أبي طالب ذو البأس الشديد، فعلى مبغضهم لعنة الرب المجيد. ثم أقبلت إلى البر فإذا رأسها رأس نعامة، ووجها وجه إنسان وقوائمها قوائم بعير، وذنبها ذنب سمكة، فخشيت على نفسي الهلكة فهربت فنطقت بلسان فصيح فقالت: يا هذا قف وإلا تهلك. فوقفت فقالت: ما دينك؟ فقلت: دين النصرانية.
فقالت: ويلك ارجع إلى ابن الحنفية فقد حللت بفناء قوم من مسلمي الجن لا ينجو منهم إلا من كان مسلما، فقلت: وكيف الاسلام؟ قالت: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فقلتها، فقالت: أتم إسلامك بالترحم على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم. فقلت: ومن أتاكم بذلك؟ قالت: قوم منا حضروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعوه يقول: إذا كان يوم القيامة تأتي الجنة فتنادي بلسان طلق فصيح:
إلهي قد وعدتني أن تشيد أركاني. فيقول الجليل جل جلاله: قد شيدت أي رفعت أركانك بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وزينتك بالحسن والحسين. ثم قالت الدابة:
أتريد أن تقعد هاهنا أم الرجوع إلى أهلك؟ فقلت: الرجوع إلى أهلي. فقالت: اصبر حتى تمر بك مركب فبينما نحن كذلك وإذا بمركب أقبلت تجري فأومأت إليها فرفعوا إلي زورقا فركبت فيه ثم جئت إليهم فوجدت المركب فيها اثنا عشر رجلا كلهم نصارى