وهل سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة كان مذعنا بالرواية وصدقها وهو القائل لما سئل عن عثمان ومن قتله ومن تولى كبره: إني أخبرك أنه قتل بسيف سلته عائشة وصقله طلحة وسمه ابن أبي طالب، وسكت الزبير وأشار بيده، وأمسكنا نحن ولو شئنا دفعناه عنه؟ فهل هذه كلها تجتمع مع التصديق بتلك الرواية؟ سبحان الذي جمع في جنته الظالم والمظلوم، والقاتل والمقتول، والخليفة والخارجين عليه، إن هي إلا اختلاق.
وهل تصدق في سعد هذه الرواية وهو المتخلف عن بيعة إمام وقته والمتقاعس عن نصرته بعد ما تمت بيعته وأجمعت عليها الأمة وأصفقت عليها البدريون والمهاجرون والأنصار، وحقت كلمة العذاب على من نزعها من ربقته؟ أفهل نزل في سعد كتاب من الله أخرجه عن محكمات الاسلام وبشر له بالجنة؟.
وهل يترآى لك من ثنايا التاريخ وراء صحائف أعمال أبي عبيدة الجراح (حفار القبور بالمدينة) ما يأهله لهذه البشارة؟ ويدعم له ما يستحق به للذكر من الفضيلة غير ما قام به يوم السقيفة من دحضه ولاية الله الكبرى، وتركاضه وراء الانتخاب الدستوري واقتحامه في تلكم البوائق التي عم شومها الاسلام، وهدت قوائم الوئام والسلام، وجرت الويلات على أمة محمد صلى الله عليه وآله حتى اليوم، وهتكت حرمة المصطفى في ظلم ابنته بضعة لحمه وفلذة كبده، واضطهاد خليفته، واهتضام أخيه علم الهدى؟ فكأنها كانت كلها قربات فأوجبت لابن الجراح الجنة. أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم؟ ساء ما يحكمون.
نبأ يصك المسامع وجاء بعد لأي من عمر الدهر من لم ير في الرواية فضيلة رابية تخص العشرة نظرا إلى أن البشارة بالجنة كما سمعت تعم المؤمنين جمعاء ولا تنحصر بقوم منهم دون آخرين، ووجد فيها مع ذلك نقصا من ناحية خلوها عن ذكر عائشة أم المؤمنين فصبها في قالب يروقه وصور لها صورة مكبرة تخص بأولئك العشرة ولا يشاركهم فيها أحد، وأسند إلى أبي ذر الغفاري أنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزل عائشة فقال: يا عائشة!