على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا: إن نوحا عليه السلام لما عمل السفينة جاءه جبريل عليه السلام بأربعة مسامر مكتوب على كل مسمار عين: عين عبد الله وهو أبو بكر. وعين عمر، وعين عثمان، وعين علي، رضي الله عنهم فجرت السفينة ببركتهم (1) وللقوم في تحريف الكتاب معارك دامية منها وقعة سنة 317 ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي، وبين طائفة أخرى من العامة أيضا، اختلفوا في تفسير قوله تعالى:
عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا. فقالت الحنابلة يجلسه معه على الاتحاد. وقال الآخرون: المراد بذلك الشفاعة العظمى. فاقتتلوا بذلك وقتل بينهم قتلى " تاريخ ابن كثير 11: 162 " فخذ ما ذكرناه مقياسا لمئات خرافة من أمثاله تقولها على الله ألسنة الغلاة في الفضائل، واتخذوا آيات الله هزوا، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق، وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون.
منتهى المقال هذه نماذج من أفائك الوضاعين في الفضائل حسبتها الأغرار حقائق فسودوا بها صحائف من التفسير والحديث والتاريخ، وموهوا بها على الحقايق الراهنة وفككوا بها عرى الاسلام، وشتتوا شمل الأمة وفرقوا صفوفها، وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر، أردنا بسردها أن نعطيك مقياسا لما حاولوه من المغالاة نكتفي بها عن غيرها، وهناك مئات من أمثالها ضربنا الصفح عنها تنزها عن نبش المخاريق ونشر المخازي، والباحث يجد شواهد صادقة على دعوانا في غضون (الرياض النضرة) علبة السفاسف والخرافات، و " الصواعق المحرقة " عيبة الأفائك والأكاذيب، و " السيرة الحلبية " المشحونة بالموضوعات، و " نزهة المجالس " موسوعة الترهات والصحاصح، و " مصباح الظلام " ديوان كل حديث مفترى ورواية مفتعلة، إلى تآليف جمة من القديم والحديث، فويل لهم مما كسبت أيديهم وويل لهم مما يكتبون، فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون، و ليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون، والله يعلم أنهم لكاذبون.