وهو الذي كان ضربه حين أمره عثمان ابن عفان.
قال الأميني: هذه أفاعيل الخليفة في رجل نزل فيه القرآن شهيدا على طمأنينته بالإيمان والرضا بقنوته آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة، في رجل هو أول مسلم اتخذ مسجدا في بيته يتعبد فيه (1) في رجل تضافر الثناء عليه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشفوعا بالنهي المؤكد عن بغضه ومعاداته وسبه وتحقيره وانتقاصه بألفاظ ستقف عليها إنشاء الله تعالى. وقد أكبرته الصحابة الأولون ونقمت على من آذاه وأغضبه وأبغضه، وفعل به كل تلكم المناهي ولم يؤثر عن عمار إلا الرضا بما يرضي الله ورسوله والغضب لهما والهتاف بالحق والتجهم أمام الباطل رضي الناس أم غضبوا، ولم يزل على ذلك كله منذ بدء أمره الذي أوذي فيه هو وأبواه، فكان مرضيا عند الله إيمانهم وخضوعهم وبعين الله ما قاسوه من المحن فعاد ذكرهم وردا لنبي الاسلام فلم يزل يلهج بهم ويدعو لهم ويقول:
اصبروا آل ياسر! موعدكم الجنة. من طريق عثمان بن عفان (2).
ويقول: أبشروا آل ياسر! موعدكم الجنة. من طريق جابر (3).
ويقول: اللهم اغفر لآل ياسر وقد فعلت. رواه عثمان أيضا (4).
وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار وبأبيه وأمه - وكانوا أهل بيت إسلام - إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة فيمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: صبرا آل ياسر!
موعدكم الجنة. صبرا آل ياسر! فإن مصيركم إلى الجنة (5).
نعم: كان عمارا هكذا عند مفتتح حياته الدينية إلى منصرم عمره الذي قتلته فيه