فنادى: أين محمد بن عبد الله؟ أين رسول الله؟ إذ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل ذلك القصر، ثم خرج آخر فنادى: أين أبو بكر الصديق؟ فأقبل فدخل، ثم خرج آخر فنادى: أين عمر بن الخطاب؟ فأقبل فدخل، ثم خرج آخر فنادى: أين عثمان بن عفان؟ فأقبل فدخل، ثم خرج آخر فنادى: أين علي بن أبي طالب؟ فأقبل فدخل، ثم خرج آخر فنادى: أين عمر بن عبد العزيز؟ فقمت فدخلت فجلست إلى جانب أبي (1) عمر بن الخطاب وهو عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عن يمينه وبينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقلت لأبي: من هذا؟ قال: هذا عيسى بن مريم، ثم سمعت هاتفا يهتف بيني وبينه نور لا أراه، وهو يقول: يا عمر بن عبد العزيز! تمسك بما أنت عليه وأثبت على ما أنت عليه، ثم كأنه أذن لي في الخروج فخرجت فالتفت فإذا عثمان ابن عفان وهو خارج من القصر وهو يقول: الحمد لله الذي نصرني ربي. وإذا علي في أثره وهو يقول: الحمد لله الذي غفر لي ربي. وذكره ابن كثير في تاريخه 9: 206.
قال الأميني: أنا لا أزال أرحب بقوم يحاولون إثبات الحقايق بالأطياف، و يجابهون ما ثبت في الخارج بالخيال، فتصور لهم ريشة الأوهام عثمان منزها عن كل وصمة عرفتها فيه الصحابة العدول من أمة محمد الناظرين إليه من كثب والمشاهدين أعماله الناقمين عليه بها، وقد أهدروا دمه من جرائها، وهم الذين يقتدى بهم وبأقوالهم وأفعالهم عند القوم ويحتذى مثالهم، وبأمثال هذه السفاسف يجرؤن البسطاء على التورط في المآثم بالنظر إلى هذا الانسان المغمور فيها في نظارة مكبرة تريه منزها عن دنس كل حوب، منصورا من الله بعد أن خذلته الصحابة جمعاء.
ولهم هناك نظارة أخرى تصغر المنظور إليه من إمام المسلمين وسيد الخلفاء خير البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام إلى حد أثبتوا له ذنبا مغفورا له.
ألا من مسائل إياهم عن أنه متى صدر هذا الذنب عن إمام المسلمين؟ أحين عده النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسه كما في الذكر الحكيم؟ أم حين طهره الجليل بقوله تعالى: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " أم حين قرن ولايته بولايته