احتف به ولو كان بالأثرة لنفسه وذويه على المسلمين عامة متعديا حدود الله المأثورة في الأموال والصدقات؟ فهل الدعاء لمثل هذا جائز في الشريعة؟ وهل يستسيغ العقل السليم الدعاء للحصول على المآثم؟
أو أنه كان يدعو له بنيل الخلافة؟ وهذا إن صح فقد استجيب غير أن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كان بواسع علم النبوة بصيرا بما يؤل إليه أمر الرجل وينوء به مما لا تحمده شريعة أو عقيدة، ولا يستتبع خلافته إلا وهنا في الدين، وذهابا لأبهة الإمامة وقلقا في مستوى الاسلام وعاصمة النبوة، وتعكيرا لصفو الألفة بين أفراد المسلمين، وفتا في عضدهم، وهوانا على صلحاء الأمة في الحواضر الإسلامية، وتعطيلا للأحكام، وتعديا للحدود، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون، وكل هذه مما عرفته منه الصحابة فتألبوا عليه، فما كان حاجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خليفة هو هكذا؟.
هذه محتملات الدعاء المزعوم، ولنا ها هنا مسائلة أخرى عن السبب الموجب لهذا الدعاء أولا وعن ظرفه ثانيا، أهل كان الموجب له أعماله السابقة على الدعاء؟ أو ما ارتكبه في أخريات أيامه؟ فجر على نفسه ومن اكتنفه الويلات من جرائه، أما الأخيرة فقد عرفت أنها لا تنهض موجبا لذلك، وأما سوابقه فسل عنه يوم بدر وتخلفه عنه وكان يعير بذلك طيلة حياته، ووقع فيه عبد الرحمن بن عوف لذلك في أخريات خلافته بملأ من الناس فأنهى إليه ذلك الوليد بن عقبة السكير الفاسق بلسان الوحي المبين (1) هنالك نحت له عذرا من تمريض رقية بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم (2) لكن الصحابة ما كانوا يعرفون ذلك العذر المفتعل حتى أولى الناس به أخوه بالمؤاخاة بمكة عبد الرحمن بن عوف، ولو كان ما يقوله صحيحا لعرفوه وهو بين ظهرانيهم غير منتأى عنهم.
وسل عنه يوم أحد وفراره من الزحف وقد نزل فيه وفيمن فر قوله تعالى " في سورة آل عمران آية: 155 ": إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا. الآية (3).