2 - من كتاب لمعاوية إلى ابن عباس: لعمري لو قتلتك بعثمان رجوت أن يكون ذلك لله رضا وأن يكون رأيا صوابا، فإنك من الساعين عليه، والخاذلين له، و السافكين دمه، وما جرى بيني وبينك صلح فيمنعك مني ولا بيدك أمان (1).
فكتب إليه ابن عباس جوابا طويلا يقول فيه: وأما قولك " إني من الساعين على عثمان والخاذلين له، والسافكين له، وما جرى بيني وبينك صلح فيمنعك مني " فأقسم بالله لأنت المتربص بقتله، والمحب لهلاكه، والحابس الناس قبلك عنه على بصيرة من أمره، ولقد أتاك كتابه وصريخه يستغيث بك ويستصرخ فما حفلت به حتى بعثت إليه معذرا بأجرة أنت تعلم أنهم لن يتركوه حتى يقتل، فقتل كما كنت أردت ثم علمت عند ذلك أن الناس لن يعدلوا بيننا و بينك فطفقت تنعي عثمان وتلزمنا دمه، وتقول قتل مظلوما، فإن يك قتل مظلوما فأنت أظلم الظالمين، ثم لم تزل مصوبا و مصعدا وجاثما ورابضا تستغوي الجهال وتنازعنا حقنا بالسفهاء حتى أدركت ما طلبت وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.
قال الأميني: إن حبر الأمة وإن لم يكن له أي تدخل في واقعة الدار، وكان أمير الحاج في سنته تلك، لكنك تراه لا يشذ عن الصحابة في الرأي حول الخليفة، ولا يقيم له وزنا، ولا يرى له مكانة، ومن أجل ذلك أعطى المقام حقه في جواب السائل عن الخلفاء، غير أنه لم يصف عثمان إلا بما ينبأ عن عدم كفائته برقدته الطويلة الغاشية على يقظته، وسباته العميق الساتر لانتباهته، ومن جراء ذلك الاعتقاد تجده لم يهتم بشئ من أمره لما جاءه نافع بن طريف بكتاب (2) من الخليفة يستنجد الحجيج و يستغيث بهم، على حين أنه محصور، فقرأه نافع على الناس بينما كان ابن عباس يخطب فلما نجزت قراءته أتم خطبته من حيث أفضت إليه، ولم يلو إلى أمر عثمان وحصاره، ولم ينبس في أمره ببنت شفة، وكان في وسعه أن يستثيرهم لنصرته، وهل ذلك كله لسوء رأي منه في الخليفة؟ أو لعدم الاهتمام في أمره؟ أو لحسن ظنه بالثائرين عليه؟
إختر ما شئت، ولعلك تختار تحقق الجميع لدى ابن عباس، وكأن عائشة شعرت منه