علي عليه السلام إلى عثمان وأخبره أنهم قد رجعوا، حتى إذا كان الغد جاء مروان عثمان فقال له: تكلم وأعلم الناس أن أهل مصر قد رجعوا، وإن ما بلغهم عن إمامهم كان باطلا، فإن خطبتك تسير في البلاد قبل أن يتحلب الناس عليك من أمصارهم فيأتيك من لا تستطيع دفعه. فأبى عثمان أن يخرج، فلم يزل به مروان حتى خرج فجلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: إن هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمر فلما تيقنوا أنه باطل ما بلغهم عنه رجعوا إلى بلادهم (1) فناداه عمرو بن العاصي من ناحية المسجد: إتق الله يا عثمان! فإنك قد ركبت نهابير (2) وركبناها معك فتب إلى الله نتب، فناداه عثمان: وإنك هناك يا ابن النابغة؟ قملت والله جبتك منذ تركتك من العمل، فنودي من ناحية أخرى: تب إلى الله وأظهر التوبة يكف الناس عنك. فرفع عثمان يديه مدا واستقبل القبلة فقال: اللهم إني أول تائب تاب إليك. ورجع إلى منزله، وخرج عمرو بن العاصي حتى نزل منزله بفلسطين فكان يقول: والله إن كنت لألقى الراعي فأحرضه عليه. وفي لفظ البلاذري: يا ابن النابغة! وإنك ممن تؤلب علي الطغام؟ وفي لفظ: قال عمرو: يا عثمان! إنك قد ركبت بهذه الأمة نهاية من الأمر وزغت فزاغوا فاعتدل أو اعتزل. وفي لفظ: ركبت بهذه الأمة نهابير من الأمور فركبوها منك، وملت بهم فمالوا بك، اعدل أو اعتزل.
تاريخ الطبري 5: 110، 114، أنساب البلاذري 5: 74، الاستيعاب ترجمة عثمان، شرح ابن أبي الحديد 2: 113، الكامل لابن الأثير 3: 68، الفائق للزمخشري 2: 296، نهاية ابن الأثير 4: 196، تاريخ ابن كثير 7: 175، تاريخ ابن خلدون 2:
396، لسان العرب 7: 98، تاج العروس 3: 592.
3 - قال ابن قتيبة: ذكروا أن رجلا من همدان يقال له " برد " قدم على معاوية فسمع عمرا يقع في علي فقال له: يا عمرو إن أشياخنا سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
من كنت مولاه فعلي مولاه. فحق ذلك أم باطل؟ فقال عمرو: حق وأنا أزيدك أنه ليس