شيئا، وذلك لأنه مكنهم من الدنيا فهم يأكلونها و يرعونها، ولا يبالون لو انهدمت الجبال، والله ما أظنهم يطلبون بدم، ولكن القوم ذاقوا الدنيا فاستحلوها واستمرؤها وعلموا: أن صاحب الحق لو وليهم لحال بينهم وبين ما يأكلون ويرعون منها، إن القوم لم يكن لهم سابقة في الاسلام يستحقون بها الطاعة والولاية، فخدعوا أتباعهم بأن قالوا: قتل إمامنا مظلوما ليكونوا جبابرة وملوكا، تلك مكيدة قد بلغوا بها ما ترون ولولاها ما تابعهم من الناس رجل. إلخ.
وفي لفظ نصر بن مزاحم في كتاب صفين امضوا (معي) عباد الله إلى قوم يطلبون فيما يزعمون بدم الظالم لنفسه، الحاكم على عباد الله بغير ما في كتاب الله، إنما قتله الصالحون المنكرون للعدوان. إلخ. وله لفظ آخر يأتي بعيد هذا.
وفي لفظ الطبري في تاريخه: أيها الناس اقصدوا بنا نحو هؤلاء الذين يبغون دم ابن عفان ويزعمون أنه قتل مظلوما. إلخ.
راجع كتاب صفين لابن مزاحم ط مصر ص 361، 369، تاريخ الطبري 6: 21، الكامل لابن الأثير 3: 123، شرح ابن أبي الحديد 1: 504، تاريخ ابن كثير 7:
266، جمهرة الخطب 1: 181.
2 - خطب معاوية يوم وفد إليه وفد (1) بعثه إليه أمير المؤمنين عليه السلام فقال:
أما بعد فإنكم دعوتم إلى الطاعة والجماعة، فأما الجماعة التي دعوتم إليها فمعنا وهي، وأما الطاعة لصاحبكم فإنا لا نراها، إن صاحبكم قتل خليفتنا، وفرق جماعتنا، وآوى ثأرنا وقتلنا، وصاحبكم يزعم أنه لم يقتله، فنحن لا نرد ذلك عليه، أرأيتم قتلة صاحبنا؟ ألستم تعلمون أنهم أصحاب صاحبكم؟ فليدفعهم إلينا فلنقتلهم به، ثم نحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة.
فقال له شبث بن ربعي: أيسرك يا معاوية! إنك أمكنت من عمار تقتله؟ وفي لفظ ابن كثير: لو تمكنت من عمار أكنت قاتله بعثمان؟ فقال معاوية: وما يمنعني من ذلك؟ والله لو أمكنت (2) من ابن سمية ما قتلته بعثمان رضي الله عنه، ولكن