سبيلا فإني قد نظرت وشاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان أحدا، فخرج علي و هو يقول: سيبلغ الكتاب أجله، قال المقداد: أما والله لقد تركته من الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، فقال: يا مقداد! والله لقد اجتهدت للمسلمين. قال: لئن كنت أردت بذلك الله فأثابك الله ثواب المحسنين. ثم قال المقداد: ما رأيت مثل ما أوتي أهل هذا البيت بعد نبيهم، ولا أقضى منهم بالعدل، ولا أعرف بالحق، أما والله لو أجد أعوانا.
قال له عبد الرحمن: يا مقداد! اتق الله فإني أخشى عليك الفتنة. وأخرج الطبري نحوه في تاريخه 5: 37، وذكره ابن الأثير في الكامل 3: 29، 30، وابن أبي الحديد في شرح النهج 1: 65.
وفي لفظ المسعودي في المروج 1: 440: فقام عمار في المسجد فقال: يا معشر قريش! أما إذا صرفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم ههنا مرة وههنا مرة فما أنا بآمن أن ينزعه الله فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله، وقام المقداد فقال: ما رأيت مثل ما أوذي به أهل هذا البيت بعد نبيهم. فقال له عبد الرحمن بن عوف: وما أنت وذاك يا مقداد بن عمرو؟ فقال: إني والله لأحبهم بحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن الحق معهم وفيهم يا عبد الرحمن! أعجب من قريش - وأنت تطولهم على الناس أهل هذا البيت - قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده من أيديهم، أما وأيم الله يا عبد الرحمن! لو أجد على قريش أنصار لقاتلتهم كقتالي إياهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر. وجرى بينهم من الكلام خطب طويل قد أتينا ذكره في كتابنا أخبار الزمان في أخبار الشورى والدار.
ومر في هذا الجزء ص 17: أن المقداد أحد الجمع الذين كتبوا كتابا عددوا فيه أحداث عثمان وخوفوه ربه وأعلموه أنهم مواثبوه إن لم يقلع. راجع حديث البلاذري المذكور.
قال الأميني: لعلك تعرف المقداد ومبلغه من العظمة، ومبوأه من الدين، ومثواه من الفضيلة، قال أبو عمر: كان من الفضلاء النجباء الكبار الخيار هاجر الهجرتين وشهد بدرا والمشاهد كلها، أول من حارب فارسا في الاسلام. كان فارسا يوم بدر، ولم يثبت أنه كان فيها على فرس غيره، وهو عند القوم أحد السبعة الذين أظهروا الاسلام، وأحد