عن هذه لأجابك بأنها كلها معاجز تخص بالخليفة.
وأحسب أن صاحب المزاعم من المتطفلين على موائد العربية فإن العربي الصميم جد عليم بكثير الكناية والاستعارة في لغة الضاد فإذا قالوا: إن نار الخوف أحرقت فلانا لا يريدون لهبا متقدا يصعد منه الدخان أو تشم منه رائحة شي الأكباد، وإنما يعنون لهفة شديدة، وحرقة معنوية تشبه بالنيران.
وأما ما سرده العبيدي من فلسفة ذلك الحريق في كبد الخليفة فإنها من الدعاوي الفارغة وفيها الغلو الفاحش وإن شئت قلت: إنما هي أوهام لم تقم لها حجة، وليس من السهل أن يدعمها ببرهنة يمسكها عن التزحزح، فهي كالريشة في مهب الريح تجاه حجاج المجادل، ووجاه سيرة الخليفة نفسه، وما عزاه إلى الرواية من حديث خرافة:
ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر. فهو على تنصيص العلماء على وضعها كما مر في ج 5 ص 316 لا يلزم به الخصم، ولا يثبت به المدعى، وفيه من سرف القول ما لا يخفى على العارف بالرجال وتأريخهم.