المعروف وجماله وكلاهما أمر عظيم جدا تتقطع دونه الغايات ولولا أن الله تعالى ثبت من أراد ثباته وقواه على ذلك ما استطاع أحد الوقوف ذرة على كليهما وجلالا و جمالا، والغاية في الطرفين قد نالها الصديق رضي الله عنه. فقد ورد: ما صب في صدري شئ إلا صببته في صدر أبي بكر. ولو صبه جبريل عليه السلام في صدر أبي بكر ما أطاقه لعدم مجراه من المماثل، لكن لما صب في صدر النبي صلى الله عليه وسلم وهو من جنس البشرية فجرى في قناة مماثلة للصديق، فبواسطتها أطاق حمله، ومع ذلك احترق قلبه. الخ.
وروى الترمذي الحكيم في نوادر الأصول ص 31 و 261، عن بكر بن عبد الله المزني قال: لم يفضل أبو بكر رضي الله عنه الناس بكثرة صوم ولا صلاة إنما فضلهم بشئ كان في قلبه. وذكر أبو محمد الأزدي في شرح مختصر صحيح البخاري 2: 41، 105.
و ج 3: 98. و ج 4: 63، والشعراني في اليواقيت والجواهر 2: 221، واليافعي في مرآة الجنان 1: 68، والصفوري في نزهة المجالس 2 ص 183: إن في الحديث ما فضلكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة ولن بشئ وقر في صدره.
قال الأميني: لو صح حديث الكبد المشوي لوجب اطراده في الأنبياء والرسل ويقدمهم سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم أخوف من الله من أبي بكر وخاتم النبيين أخوفهم، ولوجب أن تكون الرائحة فيهم أشد وأنشر، فإن الخوف فرع الهيبة المسببة عن إحاطة العلم بما هناك من عظمة وقهر وجبروت ومنعة، وينبأنا عن ذلك قوله تعالى:
إنما يخشى الله من عباده العلماء (1) قال ابن عباس: يريد إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني. وقيل: عظموه وقدروا قدره، وخشوه حق خشيته، ومن ازداد به علما ازداد به خشية. " تفسير الخازن 3: 525 " وفي الحديث: أعلمكم بالله أشدكم له خشية. " تفسير ابن جزي 3: 158 " وفي خطبة له صلى الله عليه وآله: فوالله إني لأعلمهم بالله وأشد هم له خشية (2).
وفي خطبة أخرى له صلى الله عليه وآله: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا (3).