إلى جانب الاعتزال.
وهذا التهافت في النقل يسقط الثقة بأي النقلين وإن كان النص على تشيعه معتضدا بكلمات العلماء قبله وبعده، والسيد رضي الدين الذي عرفت النص عنه بتشيعه في كتاب (اليقين) فقد نقل عنه حكايته عن الشيخ المفيد وعلم الهدى نسبته إلى الاعتزال، وأنت تعلم أن نصه الأول هو معتقده وهذه حكاية محضة، وقد عرفت حال المحكي عن الشيخ المفيد، وأما السيد المرتضى فالظاهر أن منتزع هذه النسبة إليه هو رده على الصاحب في تعصبه للجاحظ الذي هو من أركان المعتزلة، غير أنا نحتمل أن هذا التعصب كان لأدبه لا لمذهبه كتعصب الشريف الرضي للصابي.
وما وقع إلينا في المحكي عن رسالة (الإبانة) للصاحب من إنكار النص على أمير المؤمنين عليه السلام فهو حكاية محضة عمن يقول بذلك بل ما في (الإبانة) يكفي بمفرده في إثبات كونه إماميا وإليك نص كلامه مشفوعا " بمقاله في (التذكرة) حول الإمامة.
قال في (الإبانة): زعمت العثمانية وطوائف الناصبية أن أمير المؤمنين عليه السلام مفضول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير فاضل واستدلت بأن أبا بكر وعمر وليا عليه وقالت الشيعة العدلية: فقد ولى النبي عليه السلام عليهما عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل فليقولوا: إنه خير منهما، فقالت الشيعة: علي عليه السلام أفضل الناس بعد النبي فلذلك آخى بينه وبينه حين آخى بين أبي بكر وعمر فلم يكن ليختار لنفسه إلا الأفضل، وقد ذكر ذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. ثم إنه لم يستثن إلا النبوة وفيه قال: اللهم آتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير.
وقد قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه: وعاد من عاداه.
إلى آخر الدعاء.
وبعد: فالفضيلة تستحق بالمسابقة وهو أسبقهم إسلاما وقد قال الله تعالى:
السابقون السابقون أولئك المقربون، وبالجهاد وهو لم يغمد حساما، ولم يقصر إقداما، كشاف الكروب، وفراج الخطوب، ومسعر الحروب، وقاتل مرحب، وقالع باب خيبر، وصارع عمرو بن عبد ود، ومن قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. كرارا غير فرار، وقد قال الله تعالى: