وقال في ذيل كتابه [التذكرة] ذكر الصاحب رحمه الله في آخر كتاب: (نهج السبيل): إن أمير المؤمنين عليا عليه السلام أفضل الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستدل عليه بأن الأفضلية تستحق بالسابقة والعلم والجهاد والزهد فوق جميعهم، فلا شك أنه متقدمهم وغير متأخر عنهم، وقد سبقهم بمنازلة الأقران، وقتل صناديد الكفار وأعلام الضلالة، وهو الذي آخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبينه حين آخى بين أبي بكر وعمر، و رضيه كفوا لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليهم، ودعا الله أن يوالي من والاه ويعادي من عاداه، وأخبرنا أنه منه بمنزلة هارون من موسى لفضل فيه، وقال عليه السلام: اللهم ائتني بأحب الخلق إليك يأكل معي هذا الطائر، ولا يكون أحبهم إلى الله إلا أفضلهم، وقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقال: أنا ما سألت الله شيئا إلا سألت لعلي مثله حتى سألت له النبوة فقيل: لا ينبغي لأحد من بعدك، ولم يكن يسألها إلا لفضله. ولهذا استثنى النبوة في حديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. فصبر على المحن، وثبت على الشدايد، ولم ترده أيام توليته إلا خشونة في الدين، وأكله للجشب (1) ولبسا للخشن، يستقون من علمه، وما يستقي إلا ممن هو أعلم، خير الأولين وخير الآخرين، عهد إليه في الناكثين والقاسطين والمارقين، وقتل بين يديه عمار بن ياسر المشهود له بالجنة لبصيرته في أمره، وشبهه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعيسى بن مريم عليه السلام كما شبهه بهارون، لا تضرب الأمثال إلا بالأنبياء، وتصدق بخاتمة في ركوعه حتى أنزل فيه: إنما وليكم الله ورسوله. الآية، وآثر المسكين واليتيم والأسير على نفسه حتى أنزل فيه: ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، وقال تعالى: إنما أنت منذر ولكل قوم هاد. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أنا المنذر وأنت يا علي الهادي، وقال تعالى: و تعيها أذن واعية وقال صلى الله عليه وآله وسلم: هي أذن علي عليه السلام وجعله الله في الدنيا فصلا بين الإيمان والنفاق حتى قيل: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ببغضهم عليا عليه السلام، وأخبر أنه في الآخرة قسيم الجنة والنار، وقال ابن عباس: ما أنزل الله في القرآن يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي سيدها وأبوها وشريفها، وأعلى من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
علي يعسوب المؤمنين، وله ليلة الفراش حين نام عليه في مكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صابرا