ومكاتبة الفرنج واستدعاؤهم إليه حتى يجلسوا ولدا للعاضد وكانوا أدخلوا معهم رجلا من الأجناد ليس من أهل مصر فحضر عند صلاح الدين وأخبره بما جرى فأحضرهم فلم ينكروا الأمر ولم يروه منكرا فأمر بصلبهم وصلبوا يوم السبت في شهر رمضان سنة تسع وتسعين وخمسمائة بالقاهرة، وقد قبض عليهم يوم الأحد الثالث والعشرين من شعبان، وصلب مع الفقيه عمارة قاضي القضاة أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن الكامل، وابن عبد القوي داعي الدعاة، كان يعلم بدفائن القصر فعوقب ليدل عليها فامتنع من ذلك فمات واندرست، والعويرس ناظر الديوان، وشبريا كاتب السر، وعبد الصمد الكاتب أحد أمراء مصر، ونجاح الحمامي، ومنجم نصراني كان قد بشرهم بأن هذا الأمر يتم لهم.
قال الصفدي في [الغيث المنسجم]: إنه لا يبعد أن يكون القاضي الفاضل سعى في هلاكه وحرض عليه لأن صلاح الدين لما استشاره في أمره قال: ينفى. قال:
يرجى رجوعه. قال يؤدب. قال: الكلب يسكت ثم ينبح. قال: يقتل. قال: الملوك إذا أرادوا فعلوا. وقام من فوره، فأمر بصلبه مع القاضي العويرس وجماعة معه من شيعتهم، ولما أخذ ليشنق قال: مروا بي على باب القاضي الفاضل. لحسن ظنه فيه، فلما رآه قام وأغلق بابه فقال عمارة:
عبد العزيز قد احتجب * إن الخلاص من العجب وذكر عماد الدين الكاتب في (الخريدة) لتاج الدين الكندي أبي اليمن بعد صلب المترجم:
عمارة في الاسلام أبدى خيانة * وبايع فيها بيعة وصليبا وأمسى شريك الشرك في بغض أحمد * وأصبح في حب الصليب صليبا وكان خبيث الملتقى إن عجمته * تجد منه عودا في النفاق صليبا سيلقى غدا ما كان يسعى لنفسه * ويسقى صديدا في لظى وصليبا كان للمترجم مكانة عالية عند بني رزيك وله فيهم شعر كثير يوجد في ديوانه وكتابه [النكت العصرية] وفي الثاني: إن الملك الصالح طلايع بعث إليه بثلاثة آلاف دينار في ثلاثة أكياس وكتب فيها بخطه: