على الجيش في نصرته، وحملا إليه من خيل ومن إبل ما ينيف على خمسين ألفا من الذهب، قال يحيى: وفي أبي وخالي يقول مدبر الشاعر الحكمي من قصيدة طويلة:
أبواكما ردا على ابن حبابة * ملكا تبدد شمله تبديدا كفل المشيب على الحسام بعوده * مذ صال زيدان به فاعيدا وبنيتما ما شيدا من سؤدد * قدما فأشبه والد مولودا وحدثني أبي قال: مرض عمك علي مرضا أشرف فيه على الموت ثم أبل منه فأنشدته لرجل من بني الحارث يدعى سلم بن شافع كان قد وفد عليه يستعينه في دية قتيل لزمته فلما شغلنا بمرض صاحبنا ارتحل الحارثي إلى قومه وأرسل إلى بقصيدة منها:
إذا أودى ابن زيدان علي * فلا طلعت نجومك يا سماء ولا اشتمل النساء على جنين * ولا روى الثرى للسحب ماء على الدنيا وساكنها جميعا * إذا أردى أبو الحسن العفاء قال فبكى عمك وأمرني بإحضار الحارثي ودفع له ألف دينار وساق عنه الدية بعد ستة أشهر، وكان إذا رآه أكرمه ورفع مجلسه، وبسط القول في جود عمه علي ابن زيدان وسعة ثروته وعظم شجاعته. ثم قال ما ملخصه: أدركت الحلم سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وفي سنة إحدى وثلاثين بعثني والدي إلى زبيد مع الوزير مسلم ابن سخت فنزلت فيها ولازمت الطلب فأقمت أربع سنين لا أخرج عن المدرسة إلا لصلاة يوم الجمعة، وفي السنة الخامسة زرت الوالدين وأقمت في زبيد ثلاث سنين وجماعة من الطلبة يقرؤون عندي مذهب الشافعي والفرائض في المواريث، ولي في الفرائض مصنف يقرأ في اليمن، وفي سنة تسع وثلاثين زارني والدي وخمسة من أخوتي إلى زبيد وأنشدت والدي شيئا من شعري فاستحسنه ثم قال: تعلم والله إن الأدب نعمة من نعم الله عليك فلا تكفرها بذم الناس واستحلفني أن لا أهجو مسلما قط ببيت شعر فحلفت له على ذلك، وحججت مع الملكة الحرة أم فاتك ملك زبيد، وخرجت مرة أخرى إلى مكة سنة تسع وأربعين وخمس مائة وفي موسم هذه السنة مات أمير الحرمين هاشم بن فليتة وولي الحرمين ولده قاسم بن هاشم فألزمني السفارة عنه والرسالة المصرية فقدمتها في شهر ربيع الأول سنة خمسين وخمسمائة والخليفة بها يومئذ الإمام الفائز بن الظافر، والوزير