وقال ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي في هداية السعداء في شرح حديث الثقلين (قوله فيكم الثقلين وقوله ان تمسكتم بهما وقوله لن يفترقا حتى يردا على الحوض وقوله كيف تخلفوني فيهما) جمع رسول الله (ص) في جميع الضمائر المذكورة بين القرآن والعترة حتى يشير إلى أن تعظيم الكتاب وأهل البيت مساو ولا يقول أحد من المسلمين نؤمن ببعض ونكفر ببعض ولولا ذلك لما يجوز جمع الضمير وقال كتاب الله وعترتي ذكر بالعطف قال الشيخ الامام عبد القاهر الجرجاني العطف هو الجمع بين الشيئين في الحكم والأصل فيه الواو وهو لمطلق الجمع عندنا اي الجمع بين المعطوف والعطف في الحكم الذي هو الاثبات أو النفي وعليه عامة اهل اللغة وأئمة الفتوى انتهى وقال: أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبى في صدر كتاب تاريخ اليميني (في ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله) إلى أن قبضة الله عز وجل اليه مشكور السعي والأثر ممدوح النظر والظفر مرضى السمع والبصر محمود العيان والخبر فاستخلف في أمته الثقلين كتاب الله وعترته الذي يحميان الا قدام ان تزل والأحلام ان تضل والقلوب ان تمرض والشكوك ان تعرض فمن تمسك بهما فقد سلك الخيار وامن العثار وربح اليسار ومن صدف عنهما فقد أساء الاختيار وركب الخسار وارتدف الادبار أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين.
أقول: وقد تقدم قول ابن حجر والسمهودي واللكهنوئي والعجيلي والبدخشي قبيل هذا في وجه اطلاقه صلى الله عليه وآله عليهما بالثقلين ان كل واحد منهما معدن للعلوم الدينية والأحكام الشرعية ولذا حث صلى الله عليه وآله على التمسك والاقتداء بهم والتعلم منهم وقول كثير من أفاضلهم بان الاخذ والعمل بهما ثقيل.
فيستفاد من جميع أقوالهم ان المراد بالتمسك بهم ليس إلا الاخذ من علومهم والاهتداء بهدايتهم والعمل بأوامرهم والانتهاء عن نواهيهم كما يشهد عليه سائر جملات الحديث.
بقي وجه انتفاء الضلالة بالتمسك بهما دون التمسك بأحدهما.