أخرجوني أشرف على عسكري، وانظر إلى رجالي، وأتبين ملكي، وذلك في الليل، فأخرج فأشرف على الخيم والجيش وانتشاره وكثرته، وما قد أوقد من النيران، فقال: يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه، ثم رد إلى مرقده وأجلس المعتصم رجلا يشهده لما ثقل، فرفع الرجل صوته ليقولها، فقال له ابن ماسويه: لا تصح فوالله ما يفرق بين ربه وبين ما بي (1) في هذا الوقت، ففتح [المأمون] عينيه من ساعته وبهما من العظم والكبر والاحمرار ما لم ير مثله قط، وأقبل يحاول البطش بيديه بابن ماسويه، ورام مخاطبته فعجز عن ذلك.
وقضى عن ساعته، وذلك لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين، وحمل إلى طرسوس فدفن بها (2).
فصل في استشهاد الرضا عليه السلام قبض أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام في آخر صفر كما اختاره ابن الأثير والطبرسي والسيد الشبلنجي وغيرهم، من سنة ثلاث ومائتين وهو ابن خمس وخمسين سنة، وتوفى بطوس في قرية يقال لها: سناباد من نوقان على دعوة، ودفن بها صلوات الله عليه (3).
وفي إثبات الوصية: إنه عليه السلام دفن أمام قبر هارون (4).
وكتب المأمون إلى أهل بغداد وبني العباس والموالي يعلمهم بموته عليه السلام وانهم نقموا ببيعته، وقد مات وسألهم الدخول في طاعته، فكتبوا إليه أغلظ جواب (5).