حياض مناجاتك صدرا، صل على محمد وآله، وأفعل بي أولى الأمرين بك، يا أرحم الراحمين).
فخفت أن يفوتني شخصه، وأن يخفى علي أثره، فتعلقت به، فقلت له: بالذي أسقط عنك ملال التعب، ومنحك شدة شوق لذيذ الرغب ألا لحقتني منك جناح رحمة، وكنف رقة، فإني ضال وبغيتي كلما صنعت، ومناي كلما نطقت، فقال: لو صدق توكلك ما كنت ضالا، ولكن اتبعني واقف أثري.
فلما أن صار بجنب الشجرة أخذ بيدي، فخيل إلي أن الأرض تمد من تحت قدمي، فلما انفجر عمود الصبح، قال لي: ابشر فهذه مكة، قال: فسمعت الضجة، ورأيت المحجة، فقلت: بالذي ترجوه يوم الآزفة ويوم الفاقة، من أنت؟ فقال: أما إذا أقسمت، فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام (1).
وفي إثبات الوصية روي عن سعيد بن المسيب، قال: قحط الناس يمينا وشمالا، فمددت عيني فرأيت شخصا أسود على تل قد انفرد، فقصدت نحوه فرأيته يحرك شفتيه، فلم يتم دعاءه حتى أقبلت غمامة، فلما نظر إليها حمد الله وانصرف وأدركنا المطر حتى ظنناه الغرق، فاتبعته حتى دخل دار علي بن الحسين عليهما السلام فدخلت إليه عليه السلام.
فقلت له عليه السلام: يا سيدي في دارك غلام أسود تفضل علي ببيعه، فقال: يا سعيد ولم لا يوهب لك، ثم أمر القيم على غلمانه يعرض كل من في الدار عليه فجمعوا فلم أر صاحبي بينهم، فقلت: فلم أره، فقال: أنه لم يبق إلا فلان السائس فأمر به، فأحضر فإذا هو صاحبي، فقلت له عليه السلام: هذا هو.
فقال له: يا غلام إن سعيدا قد ملكك فامض معه، فقال لي الأسود: ما حملك علي أن فرقت بيني وبين مولاي، فقلت له: إني رأيت ما كان منك على التل، فرفع