لهذا الطاغية، قال: والله ما سلمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصارا، ولو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم الله بيني وبينه، ولكني عرفت أهل الكوفة وبلوتهم، ولا يصلح لي منهم ما كان فاسدا، إنهم لا وفاء لهم، ولا ذمة في قول ولا فعل، إنهم لمختلفون، ويقولون لنا: إن قلوبهم معنا، وإن سيوفهم لمشهورة علينا.
قال: وهو يكلمني إذ تنخع الدم، فدعا بطست، فحمل من بين يديه ملآن (1) مما خرج من جوفه من الدم، فقلت له: ما هذا يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله، إني لأراك وجعا؟ قال: أجل، دس إلي هذا الطاغية من سقاني سما، فقد وقع على كبدي فهو يخرج قطعا كما ترى، قلت له: أفلا تتداوى؟ قال: قد سقاني مرتين وهذه الثالثة لا أجد لها دواء (2).
وروى الثقة الجليل علي بن محمد الخزاز القمي بسنده عن جنادة بن أبي أمية، قال: دخلت على الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام في مرضه الذي توفي فيه، وبين يديه طست يقذف عليه (3) الدم، ويخرج كبده قطعة قطعة من السم الذي أسقاه معاوية، فقلت: يا مولاي مالك لا تعالج نفسك؟ فقال: يا عبد الله بماذا أعالج الموت؟ قلت: * (إنا لله وإنا إليه راجعون) * (4)، ثم التفت إلي، فقال: والله لقد عهد (5) إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله، إن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما من ولد علي وفاطمة عليهما السلام، مامنا إلا مسموم أو مقتول.
ثم رفعت الطست واتكئ صلوات الله عليه (6)، قال: فقلت له: عظني يا ابن رسول الله، قال: نعم استعد لسفرك، وحصل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل هم يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه. وساق الكلام في ذكر موعظته عليه السلام - إلى أن قال: - ثم انقطع نفسه واصفر لونه