وقت التنوير ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة مضين من الشهر، فبقي يومين إلى نحو الثلث الأول من الليل، ثم قضى نحبه شهيدا ولقي ربه تعالى مظلوما، وله يومئذ ثلاث وستون سنة (1).
قال المسعودي في مروج الذهب في ذكر مقتله: وفي سنة أربعين اجتمع بمكة جماعة من الخوارج، فتذاكروا الناس وما هم فيه من الحرب والفتنة، وتعاهد ثلاثة منهم على قتل علي عليه السلام، ومعاوية، وعمرو بن العاص، وتواعدوا واتفقوا على أن لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي يتوجه إليه حتى يقتله أو يقتل دونه، وهم: عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله، وكان من تجيب، وكان عدادهم في مراد فنسب إليهم، وحجاج بن عبد الله الصريمي ولقبه البرك، وزادويه مولى بني العنبر، فقال ابن ملجم: أنا أقتل عليا، وقال البرك: أنا أقتل معاوية، وقال زادويه: أنا أقتل عمرو بن العاص، واتعدوا أن يكون ذلك ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، وقيل: ليلة إحدى وعشرين.
فخرج عبد الرحمن بن ملجم المرادي إلى علي عليه السلام، فلما قدم الكوفة أتى قطام بنت عمه، وكان علي عليه السلام قتل أباها وأخاها يوم النهروان، وكانت أجمل أهل زمانها فخطبها، فقالت: لا أتزوج حتى تسمي لي، قال: لا تسأليني شيئا إلا أعطيته، فقالت: ثلاثة آلاف، وعبدا وقينة وقتل علي عليه السلام، فقال: ما سألت هو لك مهر، إلا قتل علي عليه السلام، فلا أراك تدركينه، قالت: فالتمس غرته، فإن أصبته شفيت نفسي ونفعك العيش معي، وإن هلكت فما عند الله خير لك من الدنيا، فقال: والله ما جاء بي إلى هذا المصر، وقد كنت هاربا منه إلا ذلك، وقد أعطيتك ما سألت وخرج من عندها وهو يقول:
ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وقتل علي بالحسام المصمم فلا مهر أغلى من علي وإن علا * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم