الأنوار البهية - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٣٥٠
وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك، وبقيت مبهوتا، فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله واليك فوالله ما علمت كيف الخبر ولا إلى من أجئ، وأنا تائب إلى الله، فما التفت إلى شئ مما قلنا، وما انفتل عما كان فيه.
فهالنا ذلك وانصرفنا عنه، وقد كان المعتضد ينتظرنا، وقد تقدم إلى الحجاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أي وقت كان، فوافيناه في بعض الليل، فأدخلنا عليه فسألنا عن الخبر فحكينا له ما رأينا، فقال: ويحكم لقيكم أحد قبلي وجرى منكم إلى أحد سبب أو قول؟ قلنا: لا، فقال: أنا لغي (1) من جدي، وحلف بأشد ايمان له، أنه رجل إن بلغه هذا الخبر ليضربن أعناقنا، فما جسرنا أن نحدث به إلا بعد موته (2).
الصدوق عن إسحاق بن حامد الكاتب، قال: كان بقم رجل بزاز مؤمن وله شريك مرجئي (3) فوقع بينهما ثوب نفيس، فقال المؤمن: يصلح هذا الثوب لمولاي، فقال: شريكه لست أعرف مولاك، ولكن افعل بالثوب ما تحب، فلما وصل الثوب شقه عليه السلام بنصفين طولا فأخذ نصفه ورد النصف وقال: لا حاجة لي (4) في مال المرجئي (5).
وقال الصدوق حدثنا الحسين بن علي بن محمد القمي المعروف بأبي علي البغدادي، قال: كنت ببخارا (6) فدفع إلي المعروف بابن جاوشير عشرة سبائك ذهبا وأمر ني أن أسلمها بمدينة السلام إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (7) قدس

(١) في المصدر: (نفي).
(٢) كتاب الغيبة للطوسي: ص ١٤٩.
(٣) المرجئة: فرقة يعتقدون أنه لا يضر مع الايمان معصية، كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة، وسموا مرجئة لأن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي، أي أخره عنهم (انظر لسان العرب: مادة (رجأ) ج ٥ ص ١٣٨).
(٤) في المصدر: (لنا).
(٥) كمال الدين: ج ٢ ص ٥١٠ ح ٤٠.
(٦) بخارا: بالضم من أعظم مدن ما وراء النهر وأجلها، يعبر إليها آمل الشط، وبينها وبين جيحون يومان، وكانت قاعدة ملك السامانية. (معجم البلدان: ج ١ ص ٥١٧).
(7) هو: أحد السفراء والنواب الخاصة للإمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه، توفي في شعبان سنة 326.
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»
الفهرست