حاسرا مكشوف الرأس مشقوق الثياب، وعليه مبطنة ملحم (1) بيضاء، وكان وجهه وجه أبيه عليه السلام لا يخطئ منه شيئا، وكان في الدار أولاد المتوكل، وبعضهم ولاة العهد فلم يبق أحد إلا قام على رجله، ووثب إليه أبو أحمد (2) الموفق، فقصده أبو محمد عليه السلام فعانقه، ثم قال له: مرحبا بابن العم، وجلس بين بابي الرواق وا لناس كلهم بين يديه، وكانت الدار كالسوق بالأحاديث.
فلما خرج وجلس أمسك الناس فما كنا نسمع شيئا إلا العطسة والسعلة، وخرجت جارية تندب أبا الحسن عليه السلام، فقال أبو محمد عليه السلام ما ها هنا من يكفي مؤونة هذه الجاهلة (3)؟ فبادر الشيعة إليها فدخلت الدار، ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمد فنهض صلى الله عليه، وأخرجت الجنازة، وخرج يمشي حتى اخرج بها إلى الشارع الذي بإزاء دار موسى بن بغا، وقد كان أبو محمد عليه السلام، صلى عليه قبل أن يخرج إلى الناس، وصلى عليه لما اخرج المعتمد، ثم دفن صلى الله عليه في دار من دوره - إلى أن قال: - وتكلمت الشيعة في شق ثيابه عليه السلام، وقال بعضهم: رأيتم أحدا من الأئمة شق ثوبه في مثل هذا الحال؟ فوقع إلي من قال ذلك: يا أحمق ما يدريك ما هذا، قد شق موسى على هارون عليهما السلام، انتهى (4).
وروي عنه عليه السلام قال: هذا الدعاء كثيرا ما أدعو الله به، وقد سألت الله عز وجل أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي وهو:
* (يا عدتي عند العدد، ويا رجائي والمعتمد، ويا كهفي والسند، ويا واحد يا أحد، ويا قل هو الله أحد، أسألك اللهم بحق من خلقته من خلقك، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحدا، صل على جماعتهم وافعل بي كذا وكذا) * (5).
* *