فلما طعم منها أحس السم فدعا بدابته فسأله رب المنزل أن يقيم، قال: خروجي من دارك خير لك، فلم يزل يومه ذلك وليله في حلقه (1) حتى قبض عليه السلام (2).
وفي إثبات الوصية، قال: لما انصرف أبو جعفر عليه السلام إلى العراق لم يزل المعتصم وجعفر بن المأمون يدبران ويعملان الحيلة في قتله عليه السلام.
فقال جعفر لأخته أم الفضل: - وكانت لامه وأبيه - في ذلك، لأنه وقف على انحرافها عنه وغيرتها عليه لتفضيله أم أبي الحسن ابنه عليها مع شدة محبتها له، ولأنها لم ترزق منه ولدا، فأجابت أخاها جعفرا وجعلوا سما في شئ من عنب رازقي، وكان يعجبه العنب الرازقي، فلما أكل منه ندمت وجعلت تبكي، فقال لها:
ما بكاؤك؟ والله ليضربنك بفقر لا ينجي (3)، وبلاء لا ينستر (4)، فبليت بعلة في أغمض المواضع في جوارحها صار ناسورا ينتقض عليها في وقت، فأنفقت مالها وجميع ملكها على العلة، حتى احتاجت إلى رفد الناس، ويروى أن الناسور كان في فرجها، وتردى جعفر بن المأمون في بئر فاخرج ميتا، وكان سكرانا (5).
* * *