ادخلوا فاسلبوا بزتهن 1، فدخل القوم لعنهم الله وأخذوا ما كان في الخيمة، حتى أفضوا إلى قرط كان في اذن أم كلثوم أخت الحسين عليه السلام فأخذوه وخرموا اذنها، حتى كانت المرأة لتنازع ثوبها على ظهرها حتى تغلب عليه، وأخذ قيس بن الأشعث لعنه الله قطيفة الحسين عليه السلام فكان يسمى قيس القطيفة، وأخذ نعليه رجل من بني أود، يقال له: الأسود، ثم مال الناس على الورس والحلي والحلل والإبل فانتهبوها 2.
أقول: في بعض كتب الأصحاب أن فاطمة الصغرى قالت: كنت واقفة بباب الخيمة وأنا أنظر إلى أبي وأصحابه 3 مجززين كالأضاحي على الرمال، والخيول على أجسادهم تجول، وأنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي من بني أمية، أيقتلوننا أو يأسروننا؟ فإذا برجل على ظهر جواده يسوق النساء بكعب رمحه وهن يلذن بعضهن ببعض، وقد اخذ ما عليهن من أخمرة وأسورة، وهن يصحن: وا جداه، وا أبتاه، و علياه، واقلة ناصراه، وا حسناه، أما من مجير يجيرنا؟ أما من ذائد يذود عنا؟
قالت: فطار فؤادي وارتعدت فرائصي، فجعلت أجيل بطرفي يمينا وشمالا على عمتي أم كلثوم خشية منه أن يأتيني.
فبينا أنا على هذه الحالة، وإذا به قد قصدني ففررت منهزمة، وأنا أظن أني أسلم منه، وإذا به قد تبعني 4، فذهلت خشية منه وإذا بكعب الرمح بين كتفي، فسقطت على وجهي فخرم اذني وأخذ قرطي ومقنعتي، وترك الدماء تسيل على خدي، ورأسي تصهره الشمس، وولى راجعا إلى الخيم، وأنا مغشي علي، فإذا أنا بعمتي عندي تبكي وهي تقول: قومي نمضي ما أعلم ما جرى على البنات وأخيك العليل، فقمت وقلت: يا عمتاه هل من خرقة أستر بها رأسي عن أعين النظار؟ فقالت:
يا بنتاه وعمتك مثلك، فرأيت رأسها مكشوفة، ومتنها قد اسود من الضرب، فما رجعنا إلى الخيمة إلا وهي قد نهبت وما فيها، وأخي علي بن الحسين عليهما السلام مكبوب على وجهه لا يطيق الجلوس من كثرة الجوع والعطش والاسقام، فجعلنا نبكي عليه ويبكي