فتأمل النبي صلى الله عليه وآله حالهما وبكى، ولم يكن عنده في البيت ثياب يليق بهما، ولا رأى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما، فدعا ربه وقال: إلهي أجبر قلبهما وقلب أمهما.
فنزل جبرئيل عليه السلام ومعه حلتان بيضاوان من حلل الجنة فسر النبي صلى الله عليه وآله، وقال لهما: يا سيدي شباب أهل الجنة خذا أثوابا خاطها خياط القدرة 1 على قدر طولكما، فلما رأيا الخلع بيضا، قالا: يا جذاه كيف هذا وجميع صبيان العرب لابسون ألوان الثياب، فأطرق النبي صلى الله عليه وآله ساعة متفكرا في أمرهما.
فقال جبرئيل عليه السلام: يا محمد طب نفسا وقر عينا إن صابغ صبغة الله عز وجل يقضي 2 لهما هذا الامر ويفرح قلوبهما بأي لون شاءا، فأمر يا محمد بإحضار الطست و الإبريق، فاحضرا فقال جبرئيل: يا رسول الله أنا أصب الماء على هذه الخلع وأنت تفركهما بيدك، فتصبغ لهما بأي لون شاءا.
فوضع النبي صلى الله عليه وآله حلة الحسن عليه السلام في الطست، فأخذ جبرئيل عليه السلام يصب الماء، ثم أقبل النبي صلى الله عليه وآله على الحسن وقال له: يا قرة عيني بأي لون تريد حلتك؟ فقال:
أريدها خضراء، ففركها النبي صلى الله عليه وآله بيده في ذلك الماء، فأخذت بقدرة الله لونا أخضر فائقا كالزبرجد الأخضر، فأخرجها النبي صلى الله عليه وآله وأعطاها الحسن عليه السلام، فلبسها.
ثم وضع حلة الحسين عليه السلام في الطست وأخذ جبرئيل عليه السلام يصب الماء فالتفت النبي صلى الله عليه وآله إلى 3 الحسين عليه السلام وكان له من العمر خمس سنين، وقال له: يا قرة عيني أي لون تريد حلتك؟ فقال الحسين عليه السلام: يا جد أريدها حمراء، ففركها النبي صلى الله عليه وآله بيده في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر، فلبسها الحسين عليه السلام، فسر النبي صلى الله عليه وآله بذلك وتوجه الحسن والحسين عليهما السلام إلى أمهما فرحين مسرورين.
فبكى جبرئيل لما شاهد تلك الحال، فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا أخي في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي وتحزن؟ فبالله عليك إلا ما أخبرتني فقال جبرئيل عليه السلام: إعلم يا رسول الله إن اختيار ابنيك على اختلاف 4 اللون، فلابد للحسين عليه السلام أن